جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي) يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، أي: تقوم بسياستهم وأمرهم، وهؤلاء القوم بنو إسرائيل كانوا أهل معصية وأهل نفور ولا يجتمعون أبداً على أحد إلا إذا كان هناك نبي من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.
فإذا كان النبي موجوداً يطيعونه فإذا ابتعد عنهم يعصونه، فإن موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما كان معهم وأنجاهم الله من فرعون كانوا على الإسلام، ولما خرجوا من البحر ومروا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا: {يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138] أي: نحن نريد أن نعبد إلهاً: {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف:138]، فذهب موسى للقاء ربه سبحانه وصنع لهم السامري عجلاً فعبدوه من دون الله سبحانه وتعالى، فما احتاجوا إلى أن يكون الأنبياء موجودين معهم وفيهم، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا نبي بعده فضلاً عن أن يكون هناك رسول بعده صلوات الله وسلامه عليه.
قال (وسيكون بعدي خلفاء فيكثرون) أي: سيكون خليفة وراء خليفة وراء خليفة (قالوا: يا رسول الله! فما تأمرنا؟ قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول ثم أعطوهم حقهم) يعني: الخلفاء والملوك إذا طلبوا حقوقهم أعطوهم حقوقهم، (واسألوا الله الذي لكم) كأنه إشارة إلى أنه سيكون فيهم الظلم، فلم يقل: قاتلوهم، بل قال: (ما أقاموا فيكم الصلاة) أي: لا تقتلوهم ولا تقاتلوهم طالما أنهم يقيمون فيكم الصلاة، قال: (واسألوا الله الذي لكم) أن تؤدي الحق الذي عليك وتسأل الله الحق الذي لك، قال: (فإن الله سائلهم عما استرعاهم) أي: اتركوهم لهم يوم عند الله عز وجل يجمعهم فيه ويسألهم عما استرعاهم عليه يوم القيامة.