وروى البخاري عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)، أي: أتى وقت الصلاة وأذن للصلاة ولم يصل بل تشاغل عنها إلى أن خرج وقتها، فهذا إذا ترك هذه الصلاة إلى أن خرج وقتها عامداً ذاكراً، أما إذا كان ناسياً أو مكرهاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإذا تركها خطأً أو نسياناً أو إكراهاً فهو معذور، لكن إذا كان متعمداً ينشغل ويلعب إلى أن خرج وقت الصلاة فقد حبط منه عمل يومه، فإذا استمر على ذلك حبط العمل كله.
هذه الأحاديث جاء فيها الحث على صلاة الفجر وصلاة العصر، وجاءت أحاديث أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على صلاة الفجر والعشاء؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المنافقون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً)، وقال: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، وهذا في الفجر والعشاء، أما الظهر فقد ذكر فيها التهجير، وأما المغرب فقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجوم)، قوله: (بادروا)، أي: حافظوا على صلاة المغرب إلى أن يدخل وقت صلاة العشاء.
فكل صلاة أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالمحافظة عليها وذكر لنا شيئاً من فضيلتها.
فعلى المؤمن ألا تفوته الصلاة إلا لعذر، كأن يكون مسافراً فله أن يقصر ويجمع بين الصلاتين، أو مريضاً فاحتاج إلى أن يصلي في بيته فله ذلك، أما إذا لم يكن معذوراً فعليه أن يحرص على الصلاة حيث ينادى بها وفي بيت الله سبحانه وتعالى؛ فإن تعذر عليه ذلك فلا يضيع الصلاة أو يؤخرها، قال الله سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4 - 5]، وليس معنى (ساهون) تاركون، فلو تركوها لكفروا، وإنما يريد أنهم أخروا الصلاة حتى خرج وقتها، فقال الله عنهم: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون:4]، إذاً: غير المصلين مصيبتهم أعظم، فاحرص على الصلاة حيث ينادى بها، واحرص على ذكر الله.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.