من الأحاديث التي جاءت في هذا المعنى حديث معاوية رضي الله عنه الذي رواه الإمام أبو داود وهو أيضاً حديث صحيح، وفيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم).
معاوية حينما صارت إليه الخلافة وصار أميراً للمؤمنين رضي الله تعالى عنه، كان يعامل الناس بالحلم وهو الذي قال: لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت.
هذا معاوية كان يضرب به المثل في الحلم رضي الله تبارك وتعالى عنه، فيقول هنا: إنه سمع حديثاً من النبي صلى الله عليه وسلم فحدث الناس به، قال أبو الدرداء: لقد انتفع بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن يسمع كلام الجواسيس -وهو الأمير رضي الله عنه- الذين كانوا يتجسسون على الناس، بل كان يمنع أي تجسس على الناس، ويقول: إن الذي سيظهر لنا منه شيء سنحاربه على الذي ظهر منه، أما الذي يكتم فما لنا وله، أتى بهذا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم)، فالذي يتتبع عورة هذا وعورة هذا ويفضحه، فإنه سوف يفتضح الإنسان، وحينها سيقوم ويجاهر بالمعصية؛ لأنه لن يوجد شيء يمنعه من حياء ولا من غيره.
فلذلك كان معاوية يستر على الناس، وإذا سمع عن أحد شيئاً ستر عليه.
من الأحاديث التي فيها هذا المعنى نفسه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم).
إذا ابتغى الريبة فإنه يبقى متشككاً في الناس، وإذا تشكك في كل إنسان فسيفسد الناس، وسيجعل الناس لا يظهرون شيئاً، يقعون في المعاصي ويخفونها، وشيء وراء شيء حتى تعم المعاصي بين الناس.