ومن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، الذي ذكره النووي في باب ملاطفة اليتيم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ أبي بكر: (يا أبا بكر! لئن كنت قد أغضبتهم لقد أغضبت ربك).
أما الحديث الذي ذكره قبل ذلك فهو حديث عائذ بن عمرو وهو في صحيح مسلم وفي مسند الإمام أحمد، وفيه: أن سلمان وصهيباً وبلالاً كانوا قعوداً في أناس، وكانوا من فقراء المسلمين المجاهدين في سبيل الله سبحانه وتعالى، وممن يحبهم الله، فمر بهم أبو سفيان، وكأنهم لما رأوه تذكروا ما عمل فيهم أبو سفيان أيام مكة، فقالوا له: ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها بعد! وكان هذا في هدنة صلح الحديبية بين السنة السادسة والثامنة من الهجرة، فلما قالوا ذلك سمعهم أبو بكر رضي الله عنه، فقال: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها! وكأن أبا بكر الصديق يتألف أبا سفيان لعله يسلم يوماً من الأيام.
فأخبر الناس النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي بكر الصديق: (يا أبا بكر! لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبت هؤلاء لقد أغضبت ربك.
فأسرع أبو بكر إليهم فقال: أي إخوتاه! لعلكم غضبتم، فقالوا: لا، يا أبا بكر! يغفر الله لك).
وتسامحوا مع أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وقالوا: (يغفر الله لك).
والظاهر أن أبا بكر ما قصد أن يؤذيهم، وإنما قصد أن يتألف أبا سفيان لعله يسلم، وقد أسلم بعد ذلك في عام الفتح.