من الأحاديث التي في الباب: حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله).
أعظم صلاة في اليوم نصليها هي صلاة الصبح، وأعظم الصلوات هي التي تقام والدنيا مظلمة، وفي شدة البرد، إذ يترك الإنسان فراشه ويخرج إلى بيت الله عز وجل مصلياً، ولذلك كان الذي يصلي صلاة الصبح في ذمة الله سبحانه وتعالى، والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى يضمنه، ولذا عندما يأتي إنسان يستلف من آخر فقد يسأله الدائن ضمنياً على أن يدفع، وإذا لم يدفع المدين دفع الضامن عنه، ولله المثل الأعلى، إذ الله يضمن من يصلي الصبح فيصبح مضموناً لله سبحانه وتعالى، فهو يكفله ويدافع عنه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء)، ومعلوم أن الإنسان لا يستطيع أخذ شيء من ذمة الله عز وجل، وإنما المعنى في الحديث هو: التحذير من إيذاء من صلى صلاة الصبح في جماعة مع المسلمين، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه)، أي: أنه لا يستطيع أن يفلت من الله سبحانه وتعالى، بل سيدركه، وإذا أدركه كان جزاءه أن: (يكبه على وجهه في نار جهنم)، والعياذ بالله.
وفي الحديث: بيان أن الإنسان الذي يواظب على صلاة الجماعة وخاصة صلاة الفجر فهو صالح؛ لأنه من داوم عليها يوشك ألا يغفل عن غيرها، وكأن صلاة الفجر تعد المقياس على أن هذا إنسان صالح أو ليس صالحاً، ودهي ليل على أنه لا يرائي، إذ إن المرائي قد يصلي مرة أو مرتين في المواسم ثم يترك، أما الإنسان الصالح فهو مداوم عليها في الشتاء، أو الصيف، في الحال الحسن، أو السيئ، فيرى دائماً مداوماً على الصلاة لله سبحانه وتعالى حريصاً على أدائها في بيت الله، فاستحق أن يكون في ذمة الله، فليحذر الذي يؤذي هذا الإنسان، فإن الله لن يتركه.