فقدرك مُرْتَفع عَن التَّعْزِيَة فَإِن حقائق الْأُمُور مستفادة مِنْك وجواهر الْكَلَام مأثورة عَنْك إِنَّمَا يقابلك بِمَا أَنْت أعلم بِهِ ويذكرك بِمَا أَنْت أحفظ لَهُ فَهُوَ كمن جلب إِلَى هجر القطيعاء وَإِلَى الْفُرَات المَاء وَإِلَى الْبَدْر الضياء

4 - الْغَرِيب الْحزن ضد السهل وَهُوَ مَا خشن من الأَرْض وارتفع والخطوب طوارق الْأَيَّام وَفِي الْبَيْت طباقان المر والحلو والحزن والسهل الْمَعْنى يَقُول قد خبرت طوارق الدَّهْر بمعرفتك وَعرفت حلوها ومرها بتجربتك وسرت فِي الْأَيَّام مَالِكًا صعبها تسلك مِنْهَا مَا صَعب وَسَهل وتعاني مَا بعد وَقرب ناهضا بِنَفْسِك مكتفيا بعلمك

5 - الْغَرِيب قتل الشَّيْء علما بُلُوغ غَايَة مَعْرفَته الْمَعْنى يُرِيد أَنْت عرفت الزَّمَان وأحواله وصروفه معرفَة تَامَّة فَلَا يَأْتِي بِشَيْء لم تعرفه وَلَا يفعل جَدِيدا لم تره فقد قتلته علما بأَمْره وإحاطة بِوُجُوه تصرفه فَمَا يسمعك قولا تستغربه وَلَا يجد ذَلِك فعلا تهيبه وَلَا يطرقك إِلَّا بِمَا قد عَرفته وأحطت بأمثاله وجربته وأجرى هَذَا كُله على سَبِيل الِاسْتِعَارَة وَمن بديع الْكَلَام

6 - الْغَرِيب الذعر الْفَزع وَالْخَوْف الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن فورجة إِذا حزنت على هَالك إِنَّمَا تحزن حفاظا مِنْك لمودة وصحبة ووفاء عهد وَالْوَفَاء والحفاظ مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الْعقل وَغَيْرك يحزن خوفًا من ألم الْفِرَاق وجهلا من غير مَعْرفَته بِالسَّبَبِ الْمُوجب الْحزن قَالَ وَأما تَفْسِير الْعقل والذعر فَلم يصب فِيهِ وَالْوَجْه أَن يُقَال المُرَاد بِالْعقلِ الِاعْتِبَار بِمن مضى فَإِن الْعَاقِل إِنَّمَا يحزن بِالْمَيتِ اعْتِبَارا بِهِ وعلما أَنه عَن قريب يتبعهُ وحزن غير الْعَاقِل إِنَّمَا يكون خوفًا من الْمَوْت وَهُوَ جهل لِأَنَّهُ ميت لَا محَالة وَإِن حزن انْتهى كَلَامه وَالْمعْنَى إِنَّمَا تحزن على من تصاب بِهِ من أحبتك حفظا لذمتهم ورعاية لحرمتهم وإنصافا وعقلا ووفاء وكرما وَأرَاهُ فِي غَيْرك خوفًا وجزعا وجهلا الْغَرِيب الإلف السّكُون إِلَى الشئ وَالْغِبْطَة بِهِ ألفت الشَّيْء إلفا وألفة ويجره وروى ابْن جنى بِالتَّاءِ وَقَالَ تسحبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015