وَأَنَّهَا فِي الحسان مالكة لَا تماثل ومقدمة لَا تشاكل وان لمقلتيها عَظِيم الْملك ورفيع الْمنزلَة وَالْقدر فَإِذا نظر إِنْسَان إِلَيْهَا فتنته حَتَّى يصير مُطيعًا لَهَا وَهِي تملك بحسنها كل الْقُلُوب قَالَ ابْن فورجة إِن الْعُيُون إِذا نظرت إِلَيْهَا لم تملك صرف ألحاظها عَنْهَا لِأَنَّهَا تصير عقلة لَهَا فَكَأَن عينيها مالكة الْعُيُون وَهُوَ معنى قَول أبي نواس
(كُلَّ يَوْم يَسْترقُّ لَهَا ... حُسْنُها عَبْداً بِلا ثَمَن)
9 - الْغَرِيب الخفرات النِّسَاء الحييات الْوَاحِدَة خفرة والآنسات الحسان الْوَاحِدَة آنسة الْمَعْنى إِذا كَانَ فِي حسن امْرَأَة تَقْصِير تشبهت بهَا فِي مشيها فَيجْبر حسن الْمَشْي تَقْصِير الْحسن حَتَّى تكون قد نَالَتْ الْحسن بالحيلة وَهَذَا قَول أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي وَالْمعْنَى أَن النِّسَاء الحييات يتشبهن بهَا فِي مشيتهَا ويرين حكايتها فِي دلها فيكسبهن ذَلِك نيل الْحسن بالتحيل والوصول إِلَيْهِ بالتعمل
10 - الْغَرِيب الصاب شجر مر يعصر مِنْهُ مَاء مر قَالَ أَبُو ذُؤَيْب
(إنّي أرِقْتُ فَبِت الليَّلَ مُشْتَجِراً ... كأنَّ عَيْنَيَّ فِيها الصَّابُ مَذْبُوح)
الْمَعْنى يَقُول قد ذقت صعوبة أيامي وسهولتها ورفاهيتها فَمَا حصلت على صاب من مرها وَلَا عسل من حلوها لِأَن لذات الْأَيَّام ومكارهها منتقلة فانية ومستحيلة زائلة تتعاقب وَلَا تدوم وتنتقل وَلَا تقيم وَمَا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ تقطع على استكراه مره وَلَا تحتم على استعذاب حلوه وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري
(وَمَنْ عَرَفَ الأيِّامَ لَمْ يَرَ خَفٍ ضَها ... نَعِيما ولْم يَعْدُدْ مَضَرَّتَها بَلْوَى)
11 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد ذهب قوم إِلَى أَنه الْمَعْنى أَنه شَابًّا فَلَمَّا ذهب الشَّبَاب رَآهُ فِي غَيره من النَّاس وَنَقله الواحدي وَقَالَ هُوَ كَقَوْل الآخر
(مَن شابَ قَدْ ماتَ وَهْوَ حَيْ ... يمْشِي على الأرْضِ مَشْيَ هالِكْ)
وَقَالَ ابْن فورجة أحسن مَا يحمل عَلَيْهِ الْبَدَل فِي هَذَا الْبَيْت الْوَلَد لِأَنَّهُ بدل الْإِنْسَان إِذْ كَانَ يشب أَوَان شيخوخة الْأَب وَإِذا مَاتَ وَرثهُ فَيكون بدله فِي مَاله وَالْمعْنَى يَقُول قد صَحِبت الشَّبَاب مَسْرُورا وَأرَانِي الرّوح يَد الْقُوَّة والجلادة