- الْغَرِيب الأسى الْحزن الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفضل العروضى يَقُول لَا يحسن أَن يحزن الْإِنْسَان للْمَوْت بعد تيقنه بِوُقُوعِهِ فَإِنَّهُ قبل الْوُقُوع لَا ينفع الحذر وينغص الْعَيْش وَإِذا وَقع فَلَا حزن عَلَيْك وَلَا علم لَك بِهِ وَقد نسب فى هَذَا إِلَى الْإِلْحَاد وَقَالَ ابْن فورجة يَقُول إِن خوف الْمَوْت من أكاذيب النَّفس وَمن إلفنا هَذَا الْهَوَاء وَإِلَّا فقد علم أَن الْحزن على فِرَاق الرّوح قبل فِرَاقه من الْعَجز وَعلم أَيْضا أَن الْحزن على الْمُفَارقَة لَا يكون بعد الْمَوْت فلماذا يحزن الْإِنْسَان قَالَ الوحدى وَهَذَا الْبَيْت والذى قبله حث على الشجَاعَة وتحذير من الْجُبْن وتهوين للْمَوْت لِئَلَّا يخافه الْإِنْسَان فَيتْرك الْإِقْدَام هَذَا مَا أَرَادَ أَبُو الطّيب وَلم يرد الْإِلْحَاد وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا من حَيْثُ الظَّاهِر وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا الْبَيْت مُؤَكد لما قبله ومصراعه الأول احتجاج على من يشح بِنَفسِهِ يَقُول هُوَ لعمرى وَإِن كَانَ عَاجِزا فَإِن مُفَارقَة الرّوح تبطل الْعَجز وهى نِهَايَة الْخَوْف والحذر قَالَ الْخَطِيب لَيْسَ المصراع الثانى احتجاجا لمن شح بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ نفى للشح بِالنَّفسِ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ قبل الْمَوْت عجز وَبعد الْمَوْت لَا يكون
33 - الْغَرِيب الثراء بِالْمدِّ كَثْرَة المَال والمقصور التُّرَاب الْمَعْنى يَقُول كم مَال كَانَ لبخل أربابه فى أسر فقلتهم وأبحته الطلاب فأطلقته من وثاقة وَهُوَ مَنعه من طلابه
34 - الْغَرِيب الإملاق الْفقر وَالْحَاجة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم من إملاق} الْمَعْنى أَرَادَ كَمَا يقبح الْفقر فى يَد الْكَرِيم فَقلب ضَرُورَة أى إِن الْغنى عِنْد الْبَخِيل قَبِيح كَمَا أَن الْفقر والعسر عِنْد الْكَرِيم قَبِيح وَهُوَ يشبه قَول حبيب
(كَمْ نِعْمةٍ للهِ كَانَتْ عِنْدَهُ ... فَكَأَنَها فى غُرْبَةٍ وَإِسَارِ)
وَمَا أحسن قَول العطوى
(نِعْمَةُ اللهِ لَا تُعابُ وَلَكِنْ ... رُبَّمَا اسْتُقْبِحَتْ على أقْواَمِ)
(لَا يَلِيقُ الغِنَى بوَجْهِ أَبى يَعْلَى ... وَلَا نُورُ بَهْجَةِ الإسْلامِ)
(وَسِخِ الثَّوْبِ والقَلانِسِ وَالْبِرْ ... ذَوْن والوَِجْهِ والقَفا والغُلامِ)
وَهَذَا مَنْقُول من الْحِكْمَة قَالَ الْحَكِيم قَبِيح بذى الْجدّة أَن يُفَارِقهُ الْجُود لِأَنَّهُمَا إِذا اعتدلا كَانَ اعتدالهما كشئ وَاحِد