- 1 - الْمَعْنى يَقُول لمحبوبته لعينيك وَمَا تضمنتاه من السحر وأثارتاه من من لوعة الْحبّ مَا يلقاه قلبى من الوجد فِيمَا يستأنفه وَمَا لقِيه من قبل ذَلِك فِيمَا أسلفه وللحب الذى أسلمتنى إِلَيْهِ واقتصرت بى عَلَيْهِ مَا لم يبقه السقم منى مِمَّا أفنيته وَمَا بقى مِنْهُ مِمَّا أنحلته وَمَا أضنيته
2 - الْمَعْنى يَقُول وَمَا كنت مِمَّن يمِيل إِلَى اللَّهْو والغزل وَلَا مِمَّن يمِيل إِلَى الْعِشْق قلبه وَلَكِن جفون عَيْنَيْك فتانة لمن يَرَاهَا فَتدخل الْعِشْق فى قلب من لم يعشق فَمن أبصرهَا تمكن الْعِشْق بِهِ وَمن شَاهدهَا تزين الْحبّ لَهُ وَفِيه نظر إِلَى قَول مُسلم
(وَقَدْ كانَ لَا يَصْبُو وَلَكِنَّ عَيْنَهُ ... رأتْ مَنْظَراً يُصْبِى القُلُوبَ فَراقَها)
3 - الْغَرِيب المترقرق الذى يجول فى الْعين وَلَا ينحدر الْمَعْنى يَقُول مَا بَين مَا أرجوه من رضَا من أحبه وأحذره من سخطه وَمَا أتمناه من اقترابه وأخافه من بعده مجَال للدموع الَّتِى تترقرق فى الْمقل كلفا بالحبيب وحذارا من الرَّقِيب وَهَذَا مَأْخُوذ من أَبْيَات الحماسة
(وَمَا فِى الأَرْضِ أشْقَى مِنْ مُحِبٍّ ... وَإنْ وَجَدَ الهَوَى حُلْوَ المَذَاقِ)
(تَرَاهُ باكِيا فى كُلّ وَقْتٍ ... مَخافَةَ فُرْقَةٍ أوْ لاِشْتِياقِ)
(فَيَكْى إنْ نَأَوْا شَوْقا إلَيْهِمْ ... وَيَبْكى إنْ دَنَوْا خَوْفَ الفِرَاقِ)
(فَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عِنْدَ التَّنائى ... وَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عنْدَ التَّلاقى)
3 - الْغَرِيب الرب الصاحب وَالْمَالِك وَالْمُدبر الْمَعْنى يَرْجُو الْوَصْل ويتقى الهجر لمراعاة أَسبَاب الْوِصَال وَإِنَّمَا قَالَ مَا شكّ فى الْوَصْل لِأَن العاشق إِذا كَانَ فى حيّز الشَّك كَانَ الْوَصْل أَشد اغتناما وَإِذا تَيَقّن الْوَصْل كَانَ غير ملتذ بِهِ عِنْد وجوده وَإِذا كَانَ فى يأس من الْوَصْل لم تكن لَهُ لَذَّة الرَّجَاء فالهوى عَلَيْهِ بلَاء كُله كَمَا قَالَ الآخر
(تَعَبٌ يَطُولُ مَعَ الرَّجاءِ لِذىِ الهَوَى ... خَيْرٌ لَهُ مِنْ رَاحَةٍ مَعَ ياسٍ)
وَقد أَكثر الشُّعَرَاء من هَذَا الْمَعْنى فَمنهمْ زُهَيْر قَالَ
(وَقُدْ كُنْتُ مِنْ سَلْمَى سِنِينَ ثَمَانِيا ... عَلى صِيرِ أمْرٍ مَا يَمَرُّ وَما يَحْلُو)
وَقَالَ الجلاح
(مَدَدْتِ حَبْلَ غُرُورٍ غَيْرَ مُؤْيِسَةٍ ... فَوْتَ الأكُفِّ فَلا جُودٌ وَلا بُخُلُ)
(والصُّرْمُ أرْوَحُ مِنْ غَيْثٍ يُطَمِّعُنا ... فِيهِ مَخايِلُ مَا يُلْفَى بِها بَلَلُ)
وَقَالَ ابْن الرقيات
(تَرَكْبِتِنى وَاقِفا عَلى الشَّكّ لَمْ ... أصْدُرْ بِيأْسٍ مِنْكُمْ وَلمْ أرِدِ)
وَقَالَ ابْن أَبى زرْعَة الدمشقى
(فَكأّنى بَينَ الْوِصَالِ وبَينَ الْهَجْرِ مِمَّنْ مَقامُهُ الأَعْرَافُ)
(فِى مَحَلٍّ بَينَ الجِنانِ وبَينَ النَّارِ ... طَوْراً أرْجُو وَطَوْراً أخافُ)
وَقَالَ الخليع
(وَجَدتُ ألَذَّ الْعَيْشِ فِيما بَلَوْتُهُ ... تَرَقُّبَ مُشْتاقٍ زِيارَةَ شائِقِ)
وَقَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف ذ
(وأحْسَنُ أيَّامِ الهَوَى يَوْمُكَ الَّذِى ... تُهَدَّدُ بالتَّحْرِيشِ فِيهِ وبالعَتْبِ)
(إذَا لَمْ يكُنْ فِى الحُبّ سُخْطٌ وَلا رِضًا ... فَأَيْنَ حَلاوَاتُ الرَّسائِلِ والْكُتْبِ)
وأصل الْبَيْت من قَول الْحَكِيم حَيْثُ يَقُول الرَّجَاء تمن وَالشَّكّ توقف وهما أصل الأمل وَقَالَ الآخر أحلى الْهوى وأعذبه مَا كَانَ صَاحبه بَين يأس وطمع ومخافة وأمل فَهُوَ يحذر الهجر ويتقيه ويؤمل الْوَصْل ويرتجيه