- الْمَعْنى يَقُول جحدت مكارمك الَّتِى لَا يقدر أحد أَن يجحدها لِأَنَّهَا ظاهرات للنَّاس وَهَذَا قسم من أحسن مَا يقسم بِهِ الْعَرَب كَقَوْل الأشتر وَهُوَ مَالك بن الْحَارِث النخعى
(بَقيتُ وفْرى وانحرفتُ عنِ العُلا ... ولقيتُ أضْيافى بوَجه عَبوسِ)
(إِن لم أشُنَّ على ابْن هندٍ غارَةً ... لم تخلُ يَوْما مِن نِهابِ نُفوسِ)
يَقُول كفرت مكارمك إِن كَانَ تَأْخِير الشّعْر اخْتِيَارا منى وَلَكِن حمى الشّعْر الْهم
7 - الْمَعْنى أَنه يعْتَذر بِمَا عرض لَهُ من الْهم الذى أسقم جِسْمه وَجعل فى قلبه نَارا لحرارته فَهُوَ الذى كَانَ السَّبَب فى انْقِطَاع الشّعْر وَالنَّوْم جَمِيعًا يَقُول أَنا لَا أقدر أَن أفعل شَيْئا من هَذَا وَهَذَا من قَول العطوى
(أتَرَانى أَنا وفَرْ تُ مِنَ الهَمّ نصيبى ... )
(أَنا أعطَيتُ العيونَ النُّجْل أسلابَ القُلوبِ ... )
(لَو إلىَّ الأَمْرُ مَا أقذيتُ عَيْنًا برَقِيبِ ... )
8 - الْغَرِيب ضاره يضيره ضيرا وضرة يضرّهُ ضرا بِمَعْنى وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {قَالُوا لَا ضير} وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو والحرميان {لَا يضركم كيدهم شَيْئا} وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْن عَامر {لَا يضركم} وَهُوَ جَوَاب الشَّرْط وَاخْتَارَ سِيبَوَيْهٍ فى المضاعف المجزوم الرّفْع مثل هَذَا الْمَعْنى لَا تعرض عَنى فتلزمنى ذنُوب الزَّمَان وَالزَّمَان مُضر لى ومسئ إِلَى
9 - الْغَرِيب الشرد جمع شرود يُرِيد القصائد وَجعلهَا شردا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِر بِموضع الْمَعْنى يَقُول لَهُ عندى قصائد سائرات فى الْبِلَاد لَا يخْتَص مقامهن بِموضع وَاحِد بل تسير بهَا الركْبَان فى الْآفَاق بمدحك
10 - الْمَعْنى هَذَا الْبَيْت يُفَسر مَا قبله ويروى وَهن إِذا سرن عَن مقولى وثبن أى جزن الْجبَال وقطعنها وَإِنَّمَا قَالَ وثبن لارْتِفَاع الْجبَال وطولها وَهَذَا من قَول على ابْن الجهم
(ولكنَّ إحْسانَ الْخَلِيفَة جعفرٍ ... دعانى إِلَى مَا قلت فِيهِ من الشِّعرِ)
(فسارَ مَسيرَ الشَّمس فى كل بلدةٍ ... وهَبَّ هُبوب الرّيح فى البرّ وَالْبَحْر) وَقَول حبيب
(لساحته تَنْساقُ من غيرِ سائِقٍ ... وتَنْقاد فىِ الْآفَاق من غير قَائِد)
(إِذا شَرَدتْ سَلَّت سَخيمة شانئٍ ... ورَدَّت عَزُوبا مِن قلوبٍ شواردِ) وَأَصله من قَول الآخر
(ألم ترَ أنَّ شِعرِى سارَعَنّى ... وشعرَك نازِلٌ حولَ البُيوت)