- الْإِعْرَاب لأمة بُد ل من قَوْله مسرودة الْغَرِيب اللأمة المتئلمة الصَّنْعَة والفاضة السابغة وأضاة صَافِيَة شبهها بالغدير لبياضها وصفائها والدلاص البراقة والدليص أَيْضا الْبراق اللين وَدرع دلاص وأدرع دلاص الْوَاحِد وَالْجمع على لفظ وَاحِد وَقد دلصت الدرْع بِالْفَتْح تدلص ودلصتها أَنا تدليصا والدلاص الْبراق الْمَعْنى يَقُول قميصى لأمة محكمَة النسج من صنع دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ أول من عمل الدروع قَالَ الله تَعَالَى {وألنا لَهُ الْحَدِيد}

21 - الْمَعْنى يَقُول إِذا قنعت من الدَّهْر بعيش قد عجل لى نكده وَأخر عَنى خَيره فَأَيْنَ فضلى فَإِذا لَا فضل لى فَكَأَن فضلى قد خفى فَلَيْسَ يرى

22 - الْمَعْنى يَقُول تعبت فى طلب الرزق وسعيت فِيهِ وَلم يحصل فقد ضقت صَدرا لِكَثْرَة مَا قُمْت فى طلبه وسعيت ونصبت وَطَالَ فِيهِ سفرى وَقل عَنهُ قعودى عَن السّفر

23 - الْمَعْنى يَقُول أسافر أبدا فى طلب الرزق وحظى منحوس وهمتى عالية يُرِيد أَن همته مُرْتَفعَة وحظه مخفوض وَهُوَ كَقَوْل حبيب

(همَّةٌ تنطَح النُّجومَ وَجَدٌّ ... آلِفٌ للحَضِيض فَهُوَ حَضيضُ)

وكقول الآخر

(ولى همَّةٌ فوقَ نَجم السَّماء ... ولكنّ حالى تحتَ الثَّرَى)

(فَلَو ساعدت همَّتِى حالتى ... لكنتَ ترَى غيرَ مَا قد ترَى)

24 - الْإِعْرَاب الْبَاء مُتَعَلقَة بأبلغ وَتَقْدِيره فلعلى بَالغ بلطف الله وحرف الْجَرّ مُتَعَلق بمؤمل الْمَعْنى يَقُول لعلى راج بعض مَا أؤمله بلطف الله وَقَالَ الواحدى وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ ان المرجو مَحْبُوب وَالْمَكْرُوه لَا يكون مرجوا بل يكون محذورا فَهُوَ يَقُول لعلى راج بعض مَا أبلغه وأدركه من فضل الله أى لَيْسَ جَمِيع مَا أبلغه مَكْرُوها بل بعضه مرجو ومحبوب

25 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح اللَّام تحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون التَّقْدِير اعجبوا لسرى وَالْآخر أَن تكون مُتَعَلقَة باللطف أى باللطف من الله سُبْحَانَهُ لسرى هَذِه صفته الْغَرِيب مروى مرو هى ثِيَاب رقاق تنسج بمرو الْمَعْنى يَقُول اعجبوا لسرى أَو لعلى أُؤَمِّل باللطف لسرى لِبَاسه ردئ وَالْعرب تتمدح بخشونة الملبس وتعيب النِّعْمَة والترفه أى لبسى خشن الْقطن ومروى مرو وهى الثِّيَاب الرقيقة لبس اللئام قَالَ ابْن القطاع أَخذ عَلَيْهِ قَوْله {فلعلى مُؤَمل ... الخ} وَقَالَ كَيفَ يؤمل بعض مَا يبلغ وَإِنَّمَا وَجه الْكَلَام أَن يَقُول ولعلى أبلغ بعض مَا أومل وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْمَعْنى ولعلى أبلغ آمالى وأزيد عَلَيْهَا حَتَّى يكون مَا أؤمله بعض مَا أبلغه وَقيل مَعْنَاهُ أَنا أُؤَمِّل أَكثر مَا أطلب فلعلى بَالغ بعض مَا أؤمله لِأَن مَا أؤمله بعض مَا أبلغه أَو لِأَن مَا أؤمله لَا يبلغ إِلَيْهِ أحد

26 - الْغَرِيب البنود جمع بند وهى الْأَعْلَام الْكِبَار وخفق البنود اضطرابها الْمَعْنى يُرِيد إِمَّا أَن تعيش عَزِيزًا مُمْتَنعا من الْأَعْدَاء أَو تَمُوت موت الْكِرَام فى الْحَرْب لِأَن الْقَتْل فى الْحَرْب يدل على شجاعة الْمَقْتُول وَالْقَتْل خير من الْعَيْش فى الذل

27 - الْإِعْرَاب تَقول ذهبت بالغيظ وَلَا تَقول ذهبته بل أذهبته وَالْوَجْه أَن يَقُول أَشد إذهاب للغيظ لِأَن أفعل لَا يبْنى من الإفعال إِلَّا فى ضَرُورَة الشّعْر وَلكنه جَاءَ على حذف الزَّوَائِد وَلَو قَالَ بالغيظ لاستغنى الْمَعْنى يُرِيد أَن إذهاب الغيظ بِالرِّمَاحِ أَكثر من إذهابه بالسلم وأشفى لغل صدر الحقود من أعدائه ويروى صدر الحسود والحقود أحسن فى الْمَعْنى

28 - الْغَرِيب يُقَال حيى يحيا حَيَاة وَيُقَال حى بِالْإِدْغَامِ فى الماضى وَلَا يدغم فى الْمُسْتَقْبل وحيى عين الْفِعْل مِنْهُ يَاء مَكْسُورَة وَكَذَلِكَ لامه يَاء وَالْيَاء أُخْت الكسرة فَكَأَنَّهُ اجْتمع ثَلَاث كسرات فحذفت كسرة الْعين وأدغمت فى اللَّام وَقَرَأَ بِالْإِدْغَامِ أَكثر الْقُرَّاء ابْن كثير وَابْن عَام وَحَفْص وَحَمْزَة والكسائى وقنبل وَقَرَأَ بالإظهار نَافِع وَأَبُو بكر والبزى وَابْن كثير الْمَعْنى إِنَّه يُخَاطب نَفسه يَقُول عش عَزِيزًا أومت فى الْحَرْب حميدا وَلَا تكن كَمَا قد عِشْت إِلَى هَذَا الْوَقْت غير مَحْمُودًا فِيمَا بَين النَّاس وَإِذا مت على فراشك مت غير مَفْقُود لِأَن النَّاس يَجدونَ مثلك كثيرا فيستغنون عَنْك وَلَا يبالون بموتك وَلَا يذكرونك بعد موتك وَإِنَّمَا يذكر من لَهُ إقدام وشجاعة وفعلات يذكر بهَا الْغَرِيب لظى من أَسمَاء جَهَنَّم وهى معرفَة لَا تَنْصَرِف والتظاء النَّار التهابها وَكَذَلِكَ تلظيها الْمَعْنى يُرِيد أَن الْعِزّ مَطْلُوب فاطلبه وَإِن كَانَ فى جَهَنَّم وَلَا تطلب الذى وَلَو أَنه فى جنان الخلود وَهَذَا كُله من الْمُبَالغَة فى طلب الْعِزّ والبعد من الذل قَالَ الواحدى وَهَذَا كُله مُبَالغَة وَإِلَّا فَلَا عز فى جَهَنَّم وَلَا ذل فى الْجنَّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015