(مَشَتْ قُلُوبُ أُناس فِي صُدُورِهمِ ... لمَّا رَأوْكَ تَمشّى نَحْوَهُمْ قَدَما)
وَطَرِيق أبي تَمام أسلم لِأَنَّهُ ذكر تحرّك الْقلب فِي مَوضِع الشدَّة الْمهْلكَة أَلا تراهم يَقُولُونَ انخلع قلبه فَمَاتَ وَالْمعْنَى لقُوَّة عزمنا إِذا سَار الْفَارِس فِي سَرْجه سَار قلبه فِي جِسْمه يَعْنِي ذكاءه وتيقظ فُؤَاده فَكَأَن قلبه ماش فِي جسده وَقَالَ الواحدي سرنا بعزم قوى كَأَن الْجِسْم وَهُوَ مُقيم فِي السرج يسْبق السرج وَكَأن الْقلب وَهُوَ مُقيم فِي الْجِسْم يسْبق الْجِسْم لقُوَّة الْعَزْم على السّير
20 - الْإِعْرَاب قوا صد حَال من الجرد أَي هن يقصدنه توارك غَيره الْغَرِيب الْقَصْد الطّلب والسواقي جمع ساقية وَهِي النَّهر الصَّغِير الْمَعْنى يُرِيد أَن الجرد وَهِي الَّتِي تحتنا قاصدة هَذَا الْبَحْر وَتركت السواقي وطالب الْبَحْر بِغَيْر سلاف يرى غَيره قَلِيلا لِأَن السواقي تستمد من الْبَحْر وَيُقَال إِن سيف الدولة لما سمع هَذَا الْبَيْت قَالَ لَهُ الوبل جعلني ساقية وَجعل الْأسود بحرا وَإِن كَانَ المتنبي قصد هَذَا فَلَقَد أبان عَن نقض عهد وَقلة مُرُوءَة لِأَنَّهُ مدح خلقا فَلم يُعْطه أحد مَا أعطَاهُ عَليّ بن حمدَان وَلَا كَانَ فيهم من لَهُ شرفه وفضله لِأَنَّهُ عَرَبِيّ من سَادَات تغلب عَالم بالشعر وَلم يمدح مثله فِي الشّرف والحسب إِلَّا مُحَمَّد بن عبد الله الْكُوفِي الْحسنى وَمعنى الْبَيْت من قَول أبي عبَادَة البحتري
(وَلم أرْض فِي رَنقِ الصرَى ليَ مَوْرِداً ... فَحاوَلتُ وُرْدَ النِّيلِ عِنْدَ احِتفاله)
21 - الْغَرِيب موق الْعين طرفها مِمَّا يَلِي الْأنف واللحاظ طرفها الَّذِي يَلِي الْأذن وَالْجمع آماق وأمآق مثل آبار وأبآر ومأقي الْعين لُغَة فِي موق الْعين وَهُوَ فعلى وَلَيْسَ بمفعل لِأَن الْمِيم من نفس الْكَلِمَة وَإِنَّمَا زيد فِي آخِره الْيَاء للإلحاق فَلم يَجدوا لَهُ نظيرا يلحقونه بِهِ لِأَن فعلى بِكَسْر اللَّام نَادِر لَا أُخْت لَهَا فَألْحق بمفعل فَلهَذَا جَمَعُوهُ على مآق على التَّوَهُّم كَمَا جمعُوا مسيل المَاء أمسلة ومسلانا وجمعوا الْمصر مصرانا تَشْبِيها لَهما بفعيل على التَّوَهُّم وَقَالَ ابْن السّكيت لَيْسَ فِي ذَوَات الْأَرْبَعَة مفعل بِكَسْر الْعين إِلَّا حرفان مأقى الْعين ومأوى الْإِبِل قَالَ الْفراء سمعتهما وَالْكَلَام كُله مفعل بِالْفَتْح نَحْو رميته مرمى ودعوته مدعى وغزوته مغزى وَقَالَ قوم إِن ابْن السّكيت وهم فِي مأقى الْعين وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد ثَبت أَن الْمِيم أَصْلِيَّة فَيكون أَصْلهَا فعلى كَمَا قيل أَولا الْمَعْنى قَالَ الْخَطِيب شبه النَّاس ببياض الْعين لِأَنَّهُ لَا ينْتَفع بِهِ فِي النّظر وَجعل