- الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح ذهب إِلَى أَن الزَّمَان كَالَّذي يعقل فيختار أَن يكون كُله ربيعا لِأَنَّهُ أطيب الزَّمَان يظْهر فِيهِ من الرَّوْض والزهر مَالا يظْهر فِي غَيره من الْأَزْمِنَة وَقَالَ الواحدي أطلب من الزَّمَان استقامة الْأَحْوَال وَالزَّمَان لَا يبلغ هَذَا من نَفسه لِأَنَّهُ أَرْبَعَة فُصُول كل فصل ضد الآخر قَالَ وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أَن همته أَعلَى من أَن يكون فِي وسع الزَّمَان الْبلُوغ إِلَيْهَا وَهُوَ يتَمَنَّى على الزَّمَان أَن يبلغهُ همته وَيجوز أَنه يُطَالب الزَّمَان أَن يخليه من الأضداد وَالزَّمَان لَيْسَ يبلغ هَذَا من نَفسه فَإِن اللَّيْل وَالنَّهَار ضدان وَيجوز أَن يُرِيد أَنِّي أقترح على الزَّمَان الاستبقاء وَهُوَ لم ينل فِي نَفسه الْبَقَاء فَيكون قد ألم بقول البحتري
(تُنابُ النَّائِبات إذَا تَناهَتْ ... وَيَدْمُرُ فِي تَصَرُّفِهِ الدَّمار)
3 - الْغَرِيب تَقول مَا أكترث لَهُ أَي مَا أُبَالِي الْمَعْنى يَقُول مادمت حَيا فَلَا تبالي بِالزَّمَانِ وصروفه ونوائبه فَإِنَّهَا تَزُول وَلَيْسَت دائمة وَالَّذِي إِذا فَاتَ فَلَا عوض مِنْهُ هُوَ الرّوح وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم أَيَّام الْحَيَاة لَا خوف فِيهَا كَمَا أَن أَيَّام المصائب لَا بَقَاء فِيهَا
4 - الْمَعْنى يَقُول السرُور وَهُوَ الْفَرح لَا يَدُوم وَلَا بُد لَهُ من انْقِضَاء وَإِذا حزنت على فَائت تعبت وَلَا يردهُ عَلَيْك حزنك وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الْأَيَّام لَا تديم الْفَرح وَلَا التَّرَحِ والأسف على الْمَاضِي يضيع الْعقل لَا غير
5 - الْمَعْنى يُرِيد بِأَهْل الْعِشْق الَّذين عشقو الدُّنْيَا وَلم يعرفوا أَنَّهَا غدارة وَلَا توَافق محبا وَلَا تساعده وَلَا تبقى عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ لَو فطنوا لما تعبوا فِي جمع مَالا يبْقى لَهُم وَهُوَ من قَول الْحَكِيم الْعِشْق ضَرُورَة دَاخِلَة على النَّفس والعاشق جَاهِل بِتِلْكَ الضَّرُورَة
6 - الْمَعْنى يَقُول هم يَبْكُونَ حَتَّى تهْلك عيونهم بالبكاء وأنفسهم بالحزن على كل مستحسن فِي الظَّاهِر قَبِيح عِنْد الاختبار يُرِيد بذلك الدُّنْيَا وَأحسن من هَذَا كُله قَول الحكمى
(إذَا اختَبرَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشَّفتْ ... لَه عنْ عَدوّ فِي ثِيابِ صدَيِق)