تَغْلِيبًا لمن وَالرَّفْع بمذ أَجود لحذف نون من مِنْهَا تَغْلِيبًا لإذ وَيدل على أَن أصل مذ مُنْذُ أَنَّك لَو سميت بهَا قلت فِي تصغيره منيذ وَفِي تكسيره أمناذ فَترد النُّون المحذوفة لِأَن التصغير والتكسير يرد ان الأشِياء إِلَى أُصُولهَا هَذَا قَول أَصْحَابنَا الْكُوفِيّين وَقَالَ الْفراء يرْتَفع الِاسْم بعدهمَا بِتَقْدِير مُبْتَدأ مَحْذُوف وَذَلِكَ أَنَّهُمَا مركبان من من وَذُو الَّتِي بِمَعْنى الَّذِي وَهِي لُغَة مَشْهُورَة قَالَ الشَّاعِر
(وقُولا لِهذَا المرْءِ ذُو جاءَ ساعِيا ... هَلُمَّ فإنَّ المشْرِفَّي الفَرَائِضُ)
(أظُنكَ دُونَ المالِ ذُو جئتَ تبتغي ... سَتَلْقاكَ بِيضٌ للنُّفوسِ قَوَابِضُ)
أَرَادَ الَّذِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ سِنَان بن الْفَحْل
(فإنَّ الماءَ ماءُ أبي وَجَدّي ... وَبْئْرِي ذُو حَفَرْتُ وّذُو طَوَيتُ)
وَقَالَ البصريون هما اسمان فيرتفع مَا بعْدهَا لِأَنَّهُ خبر عَنْهُمَا ويكونان حرفي جر فَيكون مَا بعدهمَا مجرورا بهما وَإِنَّمَا بنيا لتضمنهما معنى من وَإِلَى فِي قَوْلك مَا رَأَيْته مذ يَوْمَانِ مَعْنَاهُ مَا رَأَيْته من أول هَذَا الْوَقْت إِلَى آخِره وبنيت مذ على السّكُون لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْبناء ومنذ على الضَّم لِأَنَّهُ لما وَجب تحريكها لالتقاء الساكنين حركت بِالضَّمِّ لِأَن من عَادَتهم أَن يتبعوا الضَّم الضَّم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح من رفع الْغَزْو رَفعه بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره مذ الْغَزْو وَاقع أَو كَائِن وَمن جَرّه أَرَادَ مذ زمن الْغَزْو فَحذف الْمُضَاف وَقَالَ الْخَطِيب يجر مَا بعْدهَا فَيكون الْغَزْو مجرورا لِأَنَّهَا بِمَعْنى فِي كَقَوْلِك أَنْت عندنَا مذ الْيَوْم أَي فِي الْيَوْم الْغَرِيب الْفِدَاء مَا كَانَ بَين الْمُسلمين وَالنَّصَارَى وَكَانَ يتَوَلَّى الْفِدَاء بَين الْمُسلمين وَالروم من الْأُسَارَى الْمَعْنى يَقُول هُوَ مشتغل بِعَمَلِهِ فِي الْفِدَاء فَمَا حط الْفِدَاء سروجه يُرِيد أَنه يذهب إِلَى الرّوم ويفادي الْأُسَارَى قَالَ الواحدي وَلَيْسَ فِي هَذَا مدح وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه لَا يقبل الْفِدَاء وَلَا يدع الْغَزْو بل يَغْزُو وَلَا يمنعهُ الْفِدَاء
29 - الْغَرِيب النَّقْع الْغُبَار والأدهم الْأسود