ثمَّ تعود إِلَى حربهم على عادتك وتكسر الرماح فيهم على سجيتك وَمَا تتْرك عادتك
27 - الْغَرِيب السمر الرماح واللهام الْكَبِير وَهُوَ الَّذِي يلتهم كل شَيْء الْمَعْنى يَقُول لَهُ مازلت تفنى الرماح بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وتفنى بهَا جَيش الْأَعْدَاء فَمَا زلت تفنى الرماح فِي وقائعك مَعَ كثرتها وتفنى بفنائها الْجَيْش الْكثير وَتذهب بإذهابها الجموع الْعِظَام
28 - الْغَرِيب الجالون الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلَا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء} الْمَعْنى يَقُول إِذا عَاد الَّذين فارقوا دِيَارهمْ هربا مِنْك إِلَى أوطانهم عدت إِلَيْهِم وظفرت بهم فقتلتهم وَالْمعْنَى إِذا عَاد الرّوم الَّذين تركُوا دِيَارهمْ خوفًا مِنْك بالهدنة الَّتِي أَجَبْتهم إِلَيْهَا عاودت أَنْت تِلْكَ الأَرْض بالغزو فألفيت فِيهَا جماعات تعْمل سيوفك فِي رقابهم وتصرفها فِي رُءُوسهم
29 - الْإِعْرَاب ربوا مَعْطُوف على عاودت أَرضهم وَحَتَّى تكون للعاقبة كَقَوْلِه تَعَالَى {ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} أَي تكون الْعَاقِبَة إصابتك لَهُم الْغَرِيب الكاعب الَّتِي قد بدا ثديها للنهود وشب الْغُلَام كبر وَنَشَأ الْمَعْنى لما هربوا مِنْك وجلوا عَن مَنَازِلهمْ ربوا أَوْلَادهم لسبيهم فَصَارَت الْبِنْت كاعبا وَالِابْن شَابًّا يصلحان للسي فَأَشَارَ إِلَى أَن مسالمة سيف الدولة ضرب من التَّدْبِير عَلَيْهِم لأَنهم يعاودون مَا أخلوه من مَنَازِلهمْ فَيكون ذَلِك أقرب لقتلهم وَأمكن لسبيهم
30 - الْغَرِيب القصوى الْبَعِيدَة يُقَال القصوى والقصيا الْمَعْنى يَقُول جاروك حَتَّى إِذا أنهى بهم الجري تخلفوا عَنْك وجريت وَحدك فسبقتهم أَرَادَ جاراك الْمُلُوك فِيمَا نهجته من مكارمك واقتدت بك فِيمَا عرضت إِلَيْهِ من مقاصدك فَلَمَّا أوفيت على الْغَايَة الْبَعِيدَة والمنزلة الْعَالِيَة جريت وَحدك غير ثَان لعنانك وَتَقَدَّمت مُقبلا على شَأْنك ووقفوا عاجزين عَن بُلُوغ شأوك معترفين بالتقصير عَن إِدْرَاك سعيك
31 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد أَنه أنور من الشَّمْس فإنارتها تذْهب بَاطِلَة عِنْد إنارته وَهُوَ أتم من الْبَدْر فتمامه كلا تَمام وَالْمعْنَى: لَيْسَ لشمس مِنْهُم إنارة مَعَ مَا يَبْدُو من نورك وَلَا لبدر مِنْهُم تَمام مَعَ مَا أتمه الله لَك من فضلك. يُرِيد أَن الْمُلُوك صَغِير كل كَبِير مِنْهُم عِنْد قدرك وناقص كل من كَانَ يتم مِنْهُم بِالْإِضَافَة إِلَى فضلك تمّ الْجُزْء الثَّالِث من ديوَان المتنبي ويليه الْجُزْء الرَّابِع