فإثباتها فِي الْوَصْل على حد إِثْبَاتهَا فِي الْوَقْف ضَرُورَة مستقبحة للمحدث وسبيل مثلهَا أَن لَا يُقَاس عَلَيْهِ إِلَّا على استكراه وَأما الْخَطَأ فَإِن الَّذِي ذهب إِلَى هَذَا وَاحْتج بِهِ قد عدل عَن صوب التَّشْبِيه وَذَلِكَ أَنه لَا يَخْلُو من أَن تجْرِي الْكَلِمَة على حد الْوَقْف أَو على حد الْوَصْل فَإِن كَانَ على حد الْوَصْل وَهُوَ الْوَجْه لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاقِفًا فسبيله أَن يحذف الْهَاء وصلا لما ذَكرْنَاهُ من استغنائه عَنْهَا فِي الْوَصْل بِمَا يتبع الْألف وَإِن كَانَ على حد الْوَقْف فقد خَالف ذَلِك بإثباتها متحركة بِالضَّمِّ أَو الْكسر فالهاء فِي الْوَقْف بِلَا خلاف سَاكِنة فَالَّذِي رام إِثْبَاتهَا متحركة لأعلى حد الْوَصْل أجراها فيحذفها وَلَا على حد الْوَقْف أجراها فيسكنها وَلَا تعلم منزلَة بَين الْوَصْل وَالْوَقْف يرجع إِلَيْهَا وتجري الْكَلِمَة عَلَيْهَا فَلهَذَا كَانَ إِثْبَات هَذِه الْهَاء متحركة خطأ عندنَا وَأما مَا رَوَاهُ الْكُوفِيُّونَ فشاذ عندنَا وَأما مَا ذكره فِي نوادره أَبُو زيد من أَنهم شبهوا الْهَاء بِحرف الْإِعْرَاب فَلَا وَجه لَهُ وَلَو كَانَت الْهَاء فِي قلباه مشبهة بِحرف الْإِعْرَاب لما جَازَ فتحهَا وَلَا ضمهَا ولوجب جرها بِإِضَافَة حر إِلَيْهَا وَمر حباه الَّذِي أنْشدهُ أَبُو زيد لَيْسَ مُضَافا إِلَيْهِ فَيجوز أَن يشبه بِحرف الْإِعْرَاب أنْتَهى كَلَامه وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو الطّيب على لُغَة قومه وَكَانَ الأَصْل قلبِي فأبدل من الْيَاء آلفا طلبا للخفة وَالْعرب تفعل ذَلِك فِي النداء واستجلب هَاء السكت وأثبتها فِي الْوَصْل كَمَا تثبت فِي الْوَقْف وَالْعرب تفعل ذَلِك كَقِرَاءَة ابْن ذكْوَان فبهداهم اقتده هِيَ بِكَسْر الْهَاء وَإِثْبَات الْيَاء وصلا وكقراءة هِشَام بِكَسْر الْهَاء وَقد اسْتَوْفَيْنَا عِلّة ذَلِك فِي كتَابنَا الموسوم بالروضة المزهرة فِي شرح التَّذْكِرَة وحرك الْهَاء أَبُو الطّيب لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا وللعرب فِي ذَلِك أَمْرَانِ مِنْهُم من حرك بِالضَّمِّ تَشْبِيها بهاء الضَّمِير وأنشدوا

(يَا مَرْحَباهُ بِحمارٍ أعْفَرَا ... )

وَمِنْهُم من يُحَرك بِالْكَسْرِ على مَا يُوجد كثيرا فِي الْكَلَام عِنْد التقاء الساكنين وأنشدوا

(يَا ربُّ يَا رَبَّاهُ إيَّاكَ أَسلْ ... عَفْرَاءَ يَا رَبَّاهُ منْ قَبْلِ الأجَلْ)

الْغَرِيب والشبم الْبَارِد والشبم الْبرد وَقد شبم بِالْكَسْرِ فَهُوَ شبم والشبم الَّذِي يجد الْبرد مَعَ الْجُوع قَالَ حميد بن ثَوْر

(بِعيْنيْ قَطامِيّ بِمَا فَوْقَ مَرْقَبٍ ... غَدَا شَبِما يَنْقَضُّ فَوْقَ الهَجارِسِ)

الْمَعْنى يَقُول واحر قلبِي واحتراقه واستحكام همه بِمن قلبه عَنى بَارِد لَا اعتناء لَهُ بِي وَلَا إقبال لَهُ على وَمن بجسمي وحالي من إعراضه سقم يُوجب ألمهما وشكاة تؤذن إختلالهما وَالْعرب تكنى بحرارة الْقلب عَن الاعتناء وببرده عَن الْإِعْرَاض وَالتّرْك وتلخيص الْمَعْنى قلبِي حَار من حبه وَقَلبه بَارِد من حبي وَأَنا عِنْده مختل الْحَال معتل الْجِسْم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015