فَكَأَنَّهَا ترحم الْبَلدة لأجل بركَة والدتك وَلَو مَالَتْ عَلَيْهَا لداستها بحوافرها فَهِيَ كَأَنَّهَا ترق لَهَا راحمة فَلَا تميل عَلَيْهَا فَكَأَنَّهَا تعدل عَنْهَا مشفقة وتتجانب عَنْهَا مترحمة وَذَلِكَ لبركة من فِيهَا يُرِيد أم سيف الدولة
34 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي زحمتها للبلدة وَكَذَلِكَ فِي درت أَي درت الْبَلدة وَرفع أَي بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَهُوَ اسْتِفْهَام ومفعول درت مَحْذُوف تَقْدِيره علمت ضعفها لِأَن أيا لَا يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {لنعلم أَي الحزبين أحصى} فَرفع أَي بأحصى لِأَنَّهُ فعل مَاض على قَول بَعضهم وَالصَّحِيح أَن أيا فِي الْآيَة بِمَعْنى الَّذِي وأحصى اسْم وَقد حذف صدر الصِّلَة وَالتَّقْدِير هُوَ أحصى وَأي إِذا كَانَت بِمَعْنى الَّذِي وتمت صلتها أعربت وَإِذا حذف صدر الصِّلَة عَادَتْ إِلَى أَصْلهَا من الْبناء وَهِي مَنْصُوبَة الْموضع بتَعَلُّم وَأي فِي الْبَيْت مُبْتَدأ والضعيف خَبره والمهدم خبر ثَان وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بدرت فَهِيَ معلقَة عَن الْعَمَل وَأي فِي الْبَيْت اسْتِفْهَام وروى الواحدى وَغَيره سوريها فَالضَّمِير للبلدة وَرِوَايَة أبي الْفَتْح سورينا يُرِيد سور الْبناء وسور الْخَيل اسْتعَار للخيل سورا لِأَنَّهُ ذكرهَا مَعَ الْبَلدة وَجَمعهَا فِي الْمُزَاحمَة وَلما كَانَت الْبَلدة قَوِيَّة بالسور اسْتعَار لقُوَّة الْخَيل سورا الْغَرِيب المناكب جمع منْكب والزحام لَا يكون إِلَّا بالمناكب وَهِي الأكتاف وَدرت علمت تَقول دريته ودريت بِهِ دريا ودرية ودرية ودراية أَي علمت بِهِ قَالَ العجاج
(لَا هُمَّ لَا أدْرِي وَأنْتَ الدَّارِي ... )
الْمَعْنى يَقُول لَو زحمتها خيلك بمناكبها أَي لَو جرت بَينهمَا مزاحمة لعَلِمت الْبَلدة أَنَّهَا ضَعِيفَة وَأَنَّهَا لَا تقدر على مزاحمة الْخَيل لِأَن الْخَيل أقوى مِنْهَا فَلَو قصدتها لهدمت سورها فَكَانَت تعلم أَن سورها ضَعِيف لَا يقوى على دفع الْخَيل وَالْمعْنَى لَو زاحمتها الْخَيل بمناكبها وصادمتها بمواكبها لأيقنت أَن سورها مَعَ شدَّة قوته وشهرة منعته كَانَ يعجز عَن زحام هَذِه الْخَيل قَالَ أَبُو الْفَتْح من أعجب مَا جرى أَن أَبَا الطّيب أنْشد هَذِه القصيدة عصرا وَوَقع السُّور لَيْلًا
35 - الْإِعْرَاب حرف الْجَرّ يتَعَلَّق بِمَا قبله وَهُوَ قَوْله وكل فَتى وَمَا ذكر اعْتِرَاض بَينهمَا