المفعول والمراد في قتلهم لمالك، ويعنى بذوي القوى ذوي الرأي والفعل، والعدد والعدة، فيقول: لا أرى لمن كان هكذا من أولياء دمه وطلاب ثأره، إلا امتطاء الإبل وتجنيب الخيول، وركوب كل صعب وذلول، إلى أن ينال من العدو مثل ما ناله منهم، فإن في ركوب الجد مساعدة من الجد، ولن ترى العزم أصرخ بالفعل إلا وثم مطاوعة من القدر. وقوله تشد بالأكوار يريد تشد الأكوار عليها، فرمى بالكلام.

ومجنيات ما يذقن عذوفاً ... يقذفن بالمهرات والأمهار

ومساعراً صداً الحديد عليهم ... فكأنما تطلى الوجوه بقار

عطف قوله ومجنبات على إلا المطي والمراد أرى لهم أعدادهم مطايا مرحولة، وخيلاً مجنوبة. وكذا كانت عادتهم في مقصدهم الغارات، وركوبهم إلى الوقعات، أن يركبوا الإبل ويجنبوا الخيل إلى أن ينتهوا إلى موضع الغارة، أو ملتقى القوم للمحاربة، فحينئذ ينيخون الإبل ويركبون الخيل وهي وادعة لم يلحقها كبير تعب، ولم يمتلكها سآمة ضجر، فيعلمونها كما يحبون.

وهذا كما قال النابغة يصف خيل عمرو بن هند:

مقرنة بالأدم والعيس كالقطا ... عليها الخبور محقبات المراجل

ويقذفن بالأولاد في كل منزل ... تشحط في أسلائها كالوصائل

ومعنى ما يذقن عذوفاً أي أدنى ما يؤكل. وقال الخليل: يستعمل في الطعام والشراب. ويقال: ما ذقت عذفاً ولا عذوفاً ولا عذوفة ولا عذفاً أي ذواقاً. والفعل منه قد يبنى فيقال تعذفت عذوفة. وقوله بالمهرات والأمهار أي لما يلحقهن من الكلال، والتحامل عليه في طي المنازل بها والترحال والمساعر: جمع المسعر، وهو كأنه آلة في إسعار نار الحرب وإيقادها. وإنما قال صدأ الحديد عليهم لاتصال لبسهم الدروع، وكأنما تطلى الوجوه بقار لأن المراد أن السموم والحرور قد لفحت وجوههم، وغيرت ألوانهم، لأنهم تعودوا قصد الغارات، وقطع المشاق. وجعل الخيل كالفرسان والفرسان كالخيل في الصبر والثبات.

من كان مسروراً بمقتل مالك ... فليأت ساحتنا بوجه نهار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015