مفعول أقول هي جملة البيت الذي يليه، والواو من قوله: وفي الأكفان أبيض ماجد واو الحال، وكغصن الأراك في موضع الصفة لأبيض. شبه امتداد قامته به. و " وجهه " على هذا يكون مبتدأ وخبره حين وسما، والجملة في موضع الصفة لما قبله. وظروف الأزمنة لا تتضمن الأشخاص والجثث، لا تقول زيد اليوم، ولكن هذا مثل قولهم: الهلال اللليلة، فكما جاز هذا لأن المراد طلوع الهلال الليلة، كذلك قوله وجهه حين وسما لأن المعنى: بقول وجهه حين وسم. ومعنى وسم: خرج قليلاً، وحقيقته أنه بمعنى توسم، كما أن وجه بمعنى توجه، ونبه بمعنى تنبه، وقدم بمعنى تقدم. ويقال لون الغلام، وطر، ووسم، وبقل بالتخفيف، في معنى واحد. وأجاز أبو حاتم بقل بالتشديد ورواه الأصمعي ولم يجزه غيره. والمعنى: أقول متلهفاً وقد كفن بمرأى مني ثم شاب مجتمع كريم شريف حسن الطأة، كأنه غصن من الأراك ووجهه قد وسم حديثاً. والمعنى: اعتبط ولم يمتع بشباه، ولا أمهل لاستكماله واكتتهاله. فأقول: حقاً عباد الله ما أرى.

وقد ألم في هذا المعنى بقول النابغة:

يقولون حصن ثم تأبى نفوسهم

كأنه يكذب المشاهدة كما كذب النابغة الإخبار. وكل ذلك لاستفظاع الحال، واستعظام الأمر والخطب. فأما قوله أحقاً انتصب عند سيبويه على الظرف، كأنه أفي الحق ذلك. فإن قيل: كيف جاز أن يكون ظرفاً؟ قلت لما رآهم يقولون: أفي حق كذا، أو أفي الحق كذا، جعله إذا نصبوه على تلك الطريقة، قال:

أفي حق مواساتي أخاكم ... بمالي ثم يظلمني السريس

وقال:

أفي الحق أني مغرم بك هائم ... وأنك لا خل هواك ولا خمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015