سواد بن عمروٍ والضمة فيه ضمة المنادي المفرد، فيكون كقولك: يا زيد بن عمرو ويا زيد بن عمروٍ، فاعلمه.
لعمري لقد نادى بأرفع صوته ... نعي سويدٍ أن فارسكم هوى
أجل صادقاً والقائل الفاعل الذي ... إذا قال قولاً أنبط الماء في الثرى
يروى: أن صاحبكم هوى، ومعنى صاحبكم رئيسكم، كما أن معنى فارسكم أفرسكم، ولهذا أقسم وعظم الحال في نعي الناعي حتى جعله ينادي بأرفع صوته فعل النادب المتحسر، ثم صدقه في ثنائه وخبره فقال: أجل صادقاً أي قلت صادقاً. وأجل هو لتحقيق الإخبار، كأنه لما قال: إن صاحبكم أو فارسكم سوى، قال: أجل أنت مصدقٌ، ثم زاده ثناءً فقال: وإن القائل الفاعل الذي إذا قال قولاً أنبط الماء في الثرى. وقوله " أن " صاحبكم، أراد بأن صاحبكم، فحذف الباء ووصل الفعل. وانتصب صادقاً على الحال، والعامل فيه ما دل عليه الكلام من معنى قلت. والقائل الفاعل عطفه على صاحبكم، ويجوز أن ترفعه، كأنه قال: وهو القائل الفاعل؛ والنصب أحسن وأجود، ومعنى أنبط الماء في الثرى: وصل القول بالفعل الجالب للخير، وقرب الغناء من العناء االلاحق في الأمر، وهو بعد ذلك مثلٌ لتحقيق قوله، وصلة النجاز بوعده. ومعنى أنبط الماء: أخرجه. ويقال نبط أيضاً، فإن قيل: هل يجوز أن يكون التصديق منه للناعي في قوله هوى لا غير لأنه هو الخبر، ويكون هذا كما قال دريد: أعبد الله ذلكم الردى جواباً لقوله أردت الخيل فارساً؟ قلت لا يجوز ذلك، بدلالة قوله والقائل الفاعل الذي، لأن هذا العطف لا يكون إلا على صاحبكم. فكأنه صدقه في الأمرين جميعا، وزاده من بعد ما زاده. وكذلك قول دريد، لا يمتنع أن يثبت الفروسية له مع الإرداء أيضاً في استثباته إياهم لما قالوا: أردت الخيل فارساً.