ذلك حتى يعقبه بمثله من السقية الثانية. والمعنى اتصال الوقعات، وامتداد البلاء منه في صب الغارات. والصعدة: القناة تنبت مستويةً، وجمعها صعداتٌ بفتح العين، لأنه اسم. ثم قيل في المرأة المستوية القامة، والأتان الطويلة: صعدةٌ، وهي وصفٌ لهما، ويجمع حينئذٍ على صعداتٍ بسكون العين، لكونها صفةً.
وقوله صليت مني هذيلٌ بخرق، مثل قوله من قبل: ووراء الثأر مني ابن أختٍ في أن الخرق هو هو لا غيره. ويقال صليت بكذا أي ابتليت به ومنيت، وأصله من صلاء النار، يقال صليت أصلى صلاءً، واصلطليت أصطلي اصطلاء.
تضحك الضبع لقتلي هذيلٍ ... وترى الذئب لها يستهل
وعتاق الطير تهفو بطاناً ... تتخطاهم فما تستقل
استعار الضحك للضبع، والاستهلال للذئب. وأصل التهلل والاستهلال في الفرح والصياح، والمراد رغد العيش لهما، واتصال طعمهما باتصال قتله في هذيل. وليس قول من قال معنى تضحك: تحيض، بشيء. وقوله وعتاق الطير تهفو بطاناً مثل قول الآخر فيما تقدم:
وعبد يغوث تحجل الطير حوله
ويعنى بالعتاق آكلة اللحمان وعافية الجيف منها. وقوله تهفو بطاناً أي إنها قد زورت، وامتلأت حواصلها فثقلت، فإذا طارت تخطنهم في الطيران فلا ترتفع في الجو، بل تسف لثقلها. وبطانٌ: جمع بطينٍ. وتهفو: تطير؛ يقال: هفت الصوفة في الهواء، أي ارتفعت. قال الخليل: ويقال لرفارف الفسطاط إذا تحركت: تهفو بها الريح. ثم توسع فيه، فيقال: هفا الظليم، وهفا قلب فلانٍ في إثر كذا.
حلت الخمر وكانت حراماً ... وبلأيٍ ما ألمت تحل
فاسقنيها يا سواد بن عمروٍ ... إن جسمي بعد خالي لخل