المثنى ثنياً، وما ثنى به أيضاً ثنياً. على هذا قول طرفة:
لكالطول المرخى وثنياه باليد
وقوله بطياً بالمحاولة احتيالي انتصب بطياً على الحال، فالعامل فيه نماني. واحتيالي في موضع الرفع على أنه فاعل بطيءٍ، وقد أضاف المصدر إلى المفعل، لأن المعنى: يبطؤ احتيال الناس علي إذا حاولوه والمعنى يتعذر وقوع ذلك منهم، لفرط حزامتي، واستحكام تجربتي. ومثل هذه الإضافة قوله تعالى: " ولمن انتصر بعد ظلمه "، لأن المعنى بعد ظلم الظالم له. هضيمٌ: فعيلٌ من الهضم، مثل حذيمٍ، وهو اسمٌ لمكانٍ ضيقٍ. وقيل فرسٌ أهضم، إذا كان ضيق الجوف.
وعاجمت الأمور وعاجمتني ... كأني كنت في الأمم الخوالي
العجم: العض في الأصل، ويستعمل في الامتحان، لأن الناظر في الشيء هل هو صلبٌ أو لا يعجمه ويعض عليه. ويقال عجمتني الخطوب، أي ابتليت بها. وفيما حكى عن الحجاج: " إن أمير المؤمنين نثر كنانته فعجم عيدانها عوداً عوداً ". وإنما استعمل في معاناة الشدائد ومزاولتها كما استعمل المحاكة والاحتكاك فيها. فيقول: إني مجربٌ مدربٌ، زاولت النوائب، وعاركت الأهوال والعجائب، فلزمتها ولزمتني، وأزمت بها وأزمت بي، وصرت لطول تجاربي وامتداد أيام محاكتي نقاباً محدثاً، أبلغ بظني ما يبلغ غيري بمشاهدته. هذا على قرب ميلادي، وحداثة سني، حتى كأني كنت في الأمم الماضين، وأحد الرجال المعمرين، فأدرك الشيء قبل حصله، وأتصوره ولم يجيء بصورة ما فرغ منه وقضى، فزني عيانٌ، ويومي دهرٌ.
فلسنا من بني جداء بكرٍ ... ولكنا بنو جد النقال
الجداء: المقطوعة الثدي. والبكر: الباقية على حالتها الأولى. ويقال رحمٌ جداء، إذا كانت غير موصولة. والشاعر جعل الجداء البكر كنايةً عن الضعيفة الشر، القليلة الأهل، على عادتهم في جعل النتاج لها، والولاد والرضاع والفطام إذا فظعوا حالها. فيقول: لسنا أبناء الحرب القليلة الدر، اليسيرة الأذى والشر، التي لم يتكثر