فأما قول الشاعر:
أقول لأم زنباعٍ أقيمي ... صدور الخيل شطر بني تميم
فمعناه إقصدي وتوجهي بعيسك نحوهم. والشاعر أخذ يبين ما يأخذ به نفسه من حث القوم على القتال، وتشجيعهم على اقتحام الأهوال، ويرى أنه مع تقصير من قدم التعريض به، وعلق التقريع بإهماله وتعذيره، وعيره اشتغاله بما لا يشتغل الموتور به، لا يدع أن يقول محضضاً لهؤلائ الفتيان وقد وقعوا في ميدان الطعان وعرصة الطراد: اثبتوا في وجوه أعدائكم، وانتصبوا صدور خيلكم لهم، واستبدلوا بالانحراف تقحماً، وبالازورار تهجماً، ودعوا الذهاب إلى ما يأمركم به الفشل، ويدعوكم إليه التهاون والكسل، مستشعرين الخوف من الموت، فإن لكل نفسٍ أجلا لا يؤهره الإحجام والنكوص، ولا يقدمه الإقدام والنهوض. وقوله ما لهن خلوف، أي ليس للنفوس تخلف عن الأمد المسمى، ولا تراجعٌ عن الحين الموحى. والميقات يستعمل في الزمان والمكان، لأن الوقت الحد. ألا ترى أنهم يقولون ميقات أهل المشرق، يريدون الموضع الذي يقبل له الحج إذا ابتدئ بالمسير إليه منه.
بثنيى هضيم جدٌ نماني ... بطياً بالمحاولة احتيالي
رواه بعضهم بنيى هضيم هو جد تماني وأوجد تماني، وليس بشيءٍ، لأنه يصير المعنى: يا بنيى هيصمٍ أوجدتماني بطيء الحيلة بالمحلولة؟ يريد: إني سريع الحيلة. وهذا كلامٌ مثبجٌ مختلٌ. وعلى روايتنا يقول: سما بي جدٌ عالٍ بثنيى هذا المكان. والثني: ما انثنى من الوادي، أي انعطف. ويقال: ثنيته ثنياً، ثم يسمى