المنزلين من البدو والحضر، لا يهمه إلا الرقاعة والخلاعة، وخاليتين من التعب والنصب، فأخذ يعرض به ويقول على وجه التهكم والسخرية منه: وبقائي، للقاء امرأةٍ كأنها ظبيةٌ مسكنها في جوار هذا الرجل في صوتها غنةٌ، محلاةٍ بيارقين، مجلوة الوجه، أحب إلينا من الأوى إلى بيوتٍ مستحدثةٍ بنيت على عمدٍ متخذةٍ من رماحٍ وسيوفٍ. وهذه البيوت للغزاة والمتصيدة أكثر ما تكون. ألا ترى قول امرئ القيس بعد فراغه من الصيد:

ورحنا إلى بيتٍ بعلياء عردحٍ ... سماوته من أتحميٍ مشرعب

وأوتاده ماذيةٌ وعماده ... ردينيةٌ فيها أسنة قعضب

وفي هذه الطريقة قول الآخر:

والله للنوم على الديباج ... على الحشايا وسرير العاج

مع الفتاة الطفلة المغناج ... أهون يا عمرو من الإدلاج

وزفرات البازل العجعاج

وقوله مشوف من الشوف، وهو التجلية، يقال تشوفت المرأة، إذا تزينت وطرت، وشفتها وهي مشوفةٌ. وقوله لهن حفيف، فالحفيف: صوت طيران الطائر وصوت الرمية.

أقول لفتيانٍ ضرارٌ أبوهم ... ونحن بصحراء الطعان وقوف

أقيموا صدور الخيل إن نفوسكم ... لميقات يومٍ ما لهن خلوف

قوله أقيموا صدور الخيل في موضع المفعول لأقول، والواو من قوله ونحن بصحراء الطعان واو الحال. ويقال أقمته فقام بمعنى قومته فتقوم، فيتعدى. وأقمت بالمكان إذا ثبت فيه إقامةً، وأقمت من المكان إذا ارتحلت عنه. قال امرؤ القيس:

وفيمن أقام من الحي هرٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015