وقال الفرزدق

إن تنصفونا يا آل مروان نقترب ... إلتكم وإلا فأذنوا ببعاد

يقول: إن حملتمونا في مجاوتنا لكم على السواء، وتركتم البغي علينا والعلاء، اختلطنا بكم، وطلبنا موافقتكم، وإلا فاعلموا أن البعاد منكم همنا وهمتنا؛ لأنه إذا لم يكن لنا صبرٌ على الاهتضام، ولا طريقٌ إلى الانتقام، فلا ثالث لهما إلا الانتقال. ويقال أذنت بكذا، إذا علمت به فاستعددت له؛ وآذنني فلانٌ؛ ومنه الأذان بالصلاة، والفعل منه أذن.

فإن لنا عنكم مزاحاً مذهباً ... بعيسٍ إلى ريح الفلاة صواد

قوله مزاحاً هو من زاح يزيح، إذا ذهب؛ ومنه أزحت العلة، والكلام خارجٌ على أنه تفسير البعاد الذي ذكره وبيانه. يقول: إن سمتمونا خسفاً، وأذقتم ممونا في ولايتكم عسفاً، فإن لنا عنكم في الأرض مبعداً ومنتاى، بإبلٍ بيضٍ كرامٍ، ألفت المفاوز، فهي للتلكؤ عنها نوازع دونها، عواطش إلى ريحها. والصوادي: جمع صاديةٍ؛ والصدى: العطش.

مخيسةٍ بزلٍ تخايل في البرى ... سوار على طول الفلاة غواد

التخييس: حبس الإبل على الكد والعمل؛ ومه قول النابغة:

وخيس الجن إني قد أذنت لهم

أي احبسهم واستعملهم، وإنما وصف العيس ليى أنه متمكنٌ من مراده في التباعد، ومستظهرٌ في العدة للسفر إن اضطر إليه. وجعلها بزلاً لتكون متناهيةً في القوة. وقوله تخايل في البرى أي تحتال في سيرها وهي مبراةٌ تطيق وصل السير بالسرى، على امتداد الشقة وطول الوجهة. وقوله في البرى في موضع النصب على الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015