فقمت إلى برك هجان أعده ... لوجبة حق نازل أنا فاعله

بأبيض خطت نعله حيث أدركت ... من الأرض لم تخطل على حمائله

يقول: وقمت إلى إبل باركة بالفناء، كريمة بيض، أعدت لواجب حق ينزل بي. وزاد الهاء في وجبة للمرة الواحدة، ويجوز دخولها لهذا المعنى في المصادر كلها، وقد شرحت القول في لفظه هجان ووقوعه بلفظه للواحد والجمع. وقوله بأبيض تعلق الباء منه بقوله قمت. واللام من قوله لوجبة حق متعلق بقوله أعده، وموضع الجملة صفة للبرك، كما أن قوله أنا فاعله صفة للحق. والمعنى: قمت وقد تقلدت سيفاً مصقولاً، تخط حديدة جفنه في الأرض إذا أدركتها خطأ؛ وليس ذلك لأن حمائله اضطربت علي أو قصرت قامتي عن ارتدائها لطولها، ولكن تختط حيث تدرك، لارتفاع أرض أو عارض حال. والحمائل: جمع الحمالة. وإذا طال النجاد خطل على لابسه واضطرب. وافتخارهم بامتداد القامة وطول الحمالة معروف. والنعل: الحديدة التي يغشى بها أسفل الجفن. وعلى ذلك قوله:

طويل نجاد السيف ليس بجيدر

فجال قليلاً واتقاني بخيره ... سناماً وأملاه من الني كاهله

بقرم هجان مصعب كان فحلها ... طويل القرى لم يعد أن شق بازله

قوله جال قليلاً انتصب قليلاً على الظرف، أي زمناً قليلاً. وفاعل جال هو البرك. ويجوز أن ينتصب قليلاً على انه صفة لمصدر محذوف، كأنه قال: جال جولاً قليلاً؛ فأقام الصفة مقام الموصوف. لأن المراد مفهوم. والمعنى: لما بصر البرك بي ثارت من مباركها، لما يغشاها من الخوف المعتاد لها واضطربت، ثم انقتني - أي جعلت بيني وبينها - بأتمكها سناماً، وأملاها من الني كاهلاً. والني: الشحم واللحم. وانتصب سناماً على التمييز. وارتفع قوله كاهله بفعل مضمر دل عليه وأملاه، كأنه قال وأملاه من الني قال امتلأ كاهله. ويشبه قول الآخر في إضمار الفعل، وإن كان ناصباً وذاك رافعاً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015