وقال أرطاة بن سهية

لو أن ما نعطى من المال نبتغي ... به الحمد يعطي مثله زاخر البحر

لظلت قراقير صياماً بظاهر ... من الضحل كانت قبل في لجج خضر

قوله نبتغي موضعه نصب على الحال، وموضع يعطى مثله الجملة رفع على أنه خبر أن، وقد حذف الضمير العائد إلى ما من قوله نعطي، كأنه قال: لو أن الذي نعطيه من المال مبتغين به الحمد يعطى مثله طامي البحر ومرتفعه لظلت سفن راكدة وواقفة بظاهر من الماء قليل، كانت من قبل في معاظم من البحر خضر كثيرة. وقوله لظلت جواب لو. وقوله كانت قبل من صفة القراقير، وهي السفن، والواحد قرقور. وقد فصل بين الصفة والموصوف بخبر لظلت وهو قوله صياماً. يريد أن السفن التي كانت في الماء في بحر تعود بمثل العطايا منه إلى أن تكون واقفة في ضحل، إذ كان ماؤه لا يقوم مع الإغتراف منه لما يقوم له ما لنا على الإسراف العظيم منه. والضحل: الماء القليل، والجميع الضحول. وأتان الضحل: صخرة بعضها في الماء مغمور ةبعضها ظاهر مكشوف، فيصلب ويملاس. واللجج: جمع لجة، وهي معظم الماء. ويقال: التج البحر. والصيام: القيام. والزاخر من البحور: الطامي الماء، المرتفع الموج. وإذا جاش القوم لنفير أو حرب، قيل زخروا.

ولا نكسر العظم الصحيح تعذراً ... ونغني عن المولى ونجبر ذا الكسر

غلبنا بني حواء مجداً وسودداً ... ولكننا لم نستطيع غلب الدهر

يصف كرمهم في عشيرتهم، وأنهم يتعطفون على الضعاف الفقراء منهم ويتحدبون، فيجبرون كسرهم، ويسدون مفاقرهم، ويظهرون الغنى عن مواليهم، فلا يصلحون أحوال أنفسهم بل يوفرونهم على مصالح أمورهم، ويخلونهم واختياراتهم في مباغيهم ومكاسبهم، ومن كان مستقيم الأمر واسع المراد يقوم برم عيشه، وينهض بتدبير تجمله، لا يلحون عليه في نوائبه، ولا يضاعفون المؤن في مصارفه، متوصلين بذلك إلى الغض منه والحط من قدره، وجلاله ومكانه، لحسدهم واستعلائهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015