وأزيد مما قصده في قوله من البيض الوجوه بني سنان قول الآخر:

بناة مكارم وأساة كلم ... دماؤهم من الكلب الشفاء

فأما بيتكم إن عد بيت ... فطال السمك واتسع الفناء

وأما أسه فعلى قديم ... من المعادي إن ذكر البناء

فلو أن السماء دنت لمجد ... ومكرمة دنت لهم السماء

البناة: جمع بان. والأساة: جمع آس، وهذا الجمع يختص بالمعتل، كما أن فعلة نحو كفرة وظلمة يختص بالصحيح. والآسي: مداوي الجراحات. والكلم: الجرح. وهذا مثل لشدة الهوال واضطراب الأحوال. والمعنى: إذا تفاقمت الأمور، وحرجت بما اجتمعت فيها الصدور، فإنهم يتلافونها بعنفهم او لطفهم، وهم ملوك ففي دمائهم شفاء من عض الكلب الكلب، وهو الذي يكلب بأكل لحوم الناس، فيأخذه من ذلك شبه الجنون، فلا يعض إنساناً إلا كلب.

ويقال: إن من عضه ينبح نبيح الكلاب فينتظر به سبعة أيام، فإن بال هنات على خلقة الكلاب برأ، وإلا مات بزعمهم. ويقولون: إنه لا دواء له أنجع من شرب دم ملك. ومثله قول الفرزدق:

ولو تشرب الكلبى المراض دماءنا ... شفتها وذو الخبل الذي هو أدنف

وقوله فأما بيتكم إن عد بيت فإنه يريد: إذا عدت البيوت فبيتكم طويل السمك ثابت الأس، فسيح الساحة والفناء، واسع الأقطار والأرجاء. والسمك: أعلى البيت الداخل، فأما أعلاه الخارج فإنه الصهوة. والعادي: القديم، نسب إلى عاد. فيريد: بناء شرفكم قديم، ومكانه وسيع، وسموقة رفيع، ورسوخة عميق.

وقوله: فلو أن السماء دنت لمجد، يريد لو ملكت السماء الدنو والانحطاط عن موضعه الذي سمك فيه ليرتقي إليها مجدهم، أو ليشارك الأرض في إقلالهم وإيوائهم، والاحتواء على مكارمهم، لفعلت ذلك، ولكنها عاجزة غير مالكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015