خضوع الجرب على أنه مصدر من غير لفظه، لأن معنى دان له، أي خضع له. ومثله:
ورضت فذلت صعبة أي إذلال
لأن معنى رضت أذللت. وانتصب أي إذلال نه.
وخص الجرب لأنها إذا هنئت بالطلاء طاب لها وطاعت لطالبها. لذلك قال امرؤ القيس:
كما شغف المهنوءة الرجل الظالي
وقوله كأنما الطير منهم فوق هامهم، أراد أن مجالسهم مهيبة، وأن حاضريها لا يموجون ولا يتخففون، بل يتوقرون ويسكنون فكأن على رءوسهم الطير، فإن حركوا رءوسهم طارت إعضاماً لها وتبجيلاً لصاحبها. وقوله لا خوف ظلم، أي يخافونه لا خوف ظلم وانتقام، ولكن خوف جلالة واحتشام، وتوقير وإعضام. ودل على يخافونه حتى انتصب عنه لا خوف قوله كأنما الطير منهم فوق هامهم. ولما كان غير هذا الشاعر أراد التخكم والسخربة قال في وصف قوم:
كأن خروء الطير فوق رؤوسهم
وقد مر ذلك.
فإني لم أكد آتيك تهوى ... برحلي رادة الأصلاب ناب
قريح الظهر يفرح أن يراها ... إذا وضعت وليتها الغراب
قولها " لم أكد آتيك "، من قولهم: أعطاني الأمير ما لم يكد يعطى، وسمح بما لم يكد يسمح. تقول: لم أكد أزورك وقد زرتك تطير برحلي راحلة وثيقة الظهر