اللاصق بالشيء لا يفارقه. يريد أن رائحته تبقى فهي تشم الدهر من كف أروع، وهو الجميل الوجه. والشمم: الطول. والعرنين: الأنف وما ارتفع من الأرض، وأول الشيء، وتجعل العرانين كناية عن الأشراف والسادة. وإذا قرن الشمم بالعرنين أو الأنف، فالقصد إلى الكرم. لذلك قال حسان بن ثابت:
شم الأنوف من الطراز الأول
وقوله يغضي حياء، أي لحيائه يغض طرفه، فهو في ملكته وكالمنخزل له. ويغضى من مهابته أي ويغضي معه مهابة له، فمن مهابته في موضع المفعول له، كما أن قوله حياء انتصب لمثل ذلك، والمفعول له لا يقام مقام الفاعل، كما أن الحال والتمييز لا يقام واحد منهما مقام الفاعل. فإن قيل: إذا كان الأمر على هذا فأين الذي يرتفع بيغضى؟ قلت: يقوم مقام فاعله المصدر، كأنه قال: ويغضى الإغضاء من مهابته. والدال على الإعضاء يغضى، كما انك إذا قلت سير بزيد يومين، لك أن تجعل القائم مقام الفاعل المصدر، كأنه قيل: سير السير بزيد يومين، وهو أحد الوجوه التي فيه، فاعلمه.
آخر:
إذا انتدى واحتبى بالسيف دان له ... شوس الرجال خضوع الجرب للطالي
كأنما الطير منهم فوق هامهم ... لا خوف ظلم ولكن خوف إجلال
انتدى: جلس في نادي القوم، وهو مجمعهم. وقوله احتبى بالسيف، أي حضر لعقد جوار، أو فصل أمر حرب، أو إيقاع حلف، أو تسويد رئيس أو ما يجري هذا المجرى وذلك أن السيف في أمثال هذه الأحوال ربما مست الحاجة إليه، لذلك قال جرير:
ولا يحتبى عند عقد الجوار ... بغير السيوف ولا يرتدي
وفي غير هذه الأحوال إنما يحتبون بالأدوية وأشباهها. ودان له، أي خضع. وشوس الرجال: جمع أشواس، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه عداوة أو كبراً. وانتصب