محالة مجرى قولهم لابد، كأنه أراد: الجار لا يرجو خيراً فيهم، ولا بد له من شتم يقصد به، ولقب يعرف بذكره. وقال الخليل: يقولون في موضع لابد: لا محالة. ويقال: حال حولاً وحيلة، أي احتال.
وقال آخر:
بني أسد إلا تنحوا تطأكم ... مناسم حتى تحطموا وحوافر
وميعاد قوم إن أرادوا لقاءنا ... مياه تحامتها تميم وعامر
وما نام مياح البطاح ومنعج ... ولا الرس إلا وهو عجلان ساهر
يقول: يا بني أسد، خلوا الطريق وتباعدوا عنها، فإنكم إن لم تفعلوا ذلك وطئتكم الإبل والخيل فحطمتكم. ينسبهم إلى القلة والضعف، ويتهكم مع ذلك بهم. وقوله: وميعاد قوم يعني بني أسد وأنصارهم، والميعاد والوعد واحد، وإذا كان كذلك كان المعنى: وموضع الوعد لم أراد الالتقاء معنا مياه تتحاماها بنو تميم وبنو عامر - يعني أحميتهم - فلا تجسر على ورودها وإن كثروا. فحذف المضاف، وهو الموضع. وقوله وما نام مياح البطاح ومنعج والرس موارد الماء. والرس: البئر القديمة. جعل المستقي من هذه الآبار يميح. وأراد بمياح الكثرة؛ لأن لكل موضع من المواضع المذكورة ماحة. والميح: الدخول إلى أسفل البئر ليغرف الماء في الدلاء إذا قل الماء. والميح: الاستقاء، يريد: متحوا أولاً ثم ملحوا، لكثرة الواردة. وغنما وصف سكان هذه المواضع - وهو جيشهم - بوفور العدد، وأن سقاتهم بهذه الصفة من العجلة والسهر. وقوله: وما نام إلا وهو عجلان ساهر، يريد: نومهم ترك النوم، والاستعجال في السقي. وهذا كما قال الآخر:
فإن المندى رحلة فركوب