وَتَأَمَّلْ بَحْثَهُ مَعَ الْكَاتِبِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَيْثِيَّةَ كَالْمَادِّيَّةِ وَالْفَهْمَ كَالْغَايَةِ فَالشَّهَادَةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَهَا حَيْثِيَّةٌ يَكُونُ مَعَهَا مَا ذَكَرَ كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَدَاءُ فِعْلًا قَوْلُهُ وَغَيْرُ التَّامَّةِ لِيَدْخُلَ بِهِ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَمْ تُؤَدَّ لِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَمْنَعُهَا وَيَأْتِي حَدُّ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ وَالْأَوَّلُ يَرْجِعُ إلَى إعْلَامِ الشَّاهِدِ الْقَاضِي بِمَا عَلِمَهُ وَالثَّانِي الْعِلْمُ بِمَا يَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِهِ قَوْلُهُ " يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ " يُخْرِجُ بِهِ الرَّاوِيَةَ وَالْخَبَرَ الْقَسِيمَ لِلشَّهَادَةِ وَلَمْ يَقُلْ الْقَاضِي لِأَنَّ الْحَاكِمَ أَعَمُّ مِنْ الْقَاضِي لِوُجُودِهِ فِي التَّحْكِيمِ وَالْأَمِيرِ وَشِبْهِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ " إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ " شَرْطٌ فِي إيجَابِ الْحُكْمِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ أَخْرَجَ بِهَا مَجْهُولَ الْحَالِ قَوْلُهُ " مَعَ تَعَدُّدِهِ " أَخْرَجَ بِهِ إخْبَارَ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَاضِيًا آخَرَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعَدُّدٌ أَوْ حَلِفٌ (فَإِنْ قُلْتَ) إخْبَارُ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَاضِيًا آخَرَ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَاهُ هَلْ هُوَ كَنَقْلِ شَهَادَةٍ عَنْ شَهَادَةٍ أَوْ كَالْقَضِيَّةِ الْمُنَفَّذَةِ وَيَكُونُ الثُّبُوتُ حُكْمًا يَمْنَعُ الْقَاضِي الْآخَرَ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي ثُبُوتِ الْبَيِّنَةِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَخْرُجُ إخْبَارُ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَاضِيًا آخَرَ بِمَا كَتَبَ إلَيْهِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ فَالتَّعْدَادُ أَوْ الْحَلِفُ كَيْفَ يَصِحُّ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى النَّقْلِ فِي الشَّهَادَةِ فَلَا يُخْرِجُهُ بَلْ يَجِبُ دُخُولُهُ كَأَنْوَاعِ النَّقْلِ فِيهَا وَإِذَا كَانَ كَالْقَضِيَّةِ الْمُنَفَّذَةِ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ فَكَيْفَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْجِنْسِ ثُمَّ يَخْرُجُ (قُلْتُ) الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَائِلَ وَإِنْ قَالَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشَبَّهُ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ لَا يُسَمَّى إخْبَارُ الْقَاضِي نَقْلًا وَإِنَّمَا يُقَالُ إخْبَارُ الْقَاضِي بِالثُّبُوتِ حُكْمُهُ حُكْمٌ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْقَاضِي الْمَنْقُولَ إلَيْهِ ذَلِكَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي صِحَّةِ الثُّبُوتِ الْمُعَلَّمِ بِهِ.

(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ النَّقْلِ فَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَازِمُ النَّقْلِ التَّعْدَادُ فِي النَّقْلِ (قُلْتُ) قَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَصْلُ ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَنْصِبُ الْقَضَاءِ لَهُ حُرْمَةٌ فَاكْتَفَى بِوَاحِدٍ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ كَالْقَضِيَّةِ مِنْ الْقَاضِي فَلَا يَمْنَعُ دُخُولَ ذَلِكَ تَحْتَ جِنْسِ الْقَوْلِ لِأَنَّ الْحُكْمَ قِيلَ فِيهِ إنَّهُ قَوْلٌ مِنْ قَاضٍ يَصْحَبُهُ خَبَرٌ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي ثَبَتَ كَذَا مُخَاطِبًا بِهِ لِقَاضٍ آخَرَ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْضِيِّ بِهِ أَمْ لَا قَالَ الْحَقُّ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حُكْمٌ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ حَيْثُ اسْتَدَلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015