فَإِنْ قُلْتَ) مَا مَوْقِعُ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ وَلِذَا تَجِدُهُمْ إلَخْ (قُلْتُ) ذَكَرَهُ دَلِيلًا لِقُوَّةِ النَّقْضِ عَلَى الْعَكْسِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا الْقَضَايَا الْعَيْنِيَّةُ فِي الْإِخْبَارِ فَجَعَلُوا مُتَعَلِّقَ الْخَبَرِ قَدْ يَكُونُ مُعَيَّنًا وَسَلَّمُوا ذَلِكَ وَكَانَ يَمْشِي لَنَا فِي الْمَجَالِسِ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُمْ الْقَضَايَا الْعَيْنِيَّةُ هَلْ تَعُمُّ وَكَيْفَ يَقْبَلُ التَّعَيُّنُ الْعُمُومَ وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِذَلِكَ بَلْ التَّعْيِينُ يَقْتَضِي الْخُصُوصَ لَا الْعُمُومَ وَوَقَعَ الْجَوَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُسَامَحَةٍ وَمَعْنَاهُ مَثَلًا فِي مِثْلِ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِي الْحَجِّ وَقَصَّ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَأَنَّهُ يَبْعَثُ مُلَبِّيًا فَهَلْ يُقَالُ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ أَوْ إنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ يُشَارِكُهُ فِي حُكْمِهِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَقَّقَ الْفَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ.

قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ " قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سَمَاعُهُ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ مَعَ تَعَدُّدِهِ أَوْ حَلِفِ طَالِبِهِ " قَوْلُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " قَوْلٌ " الْقَوْلُ فِي اللُّغَةِ مَعْلُومٌ مَا فِيهِ وَأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْكَلَامِ وَالْكَلِمَةِ وَالْكَلِمِ وَالْخَبَرُ أَخَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْخَبَرِ وَأَخَصُّ مِنْ الْقَوْلِ (فَإِنْ قُلْتَ) لِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَذْكُرْ الْجِنْسَ الْأَقْرَبَ وَهُوَ الْخَبَرُ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الشَّهَادَةِ مِنْ الْقَوْلِ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ» أَدَّى إلَى أَنَّ الْقَوْلَ شَرْعًا غَلَبَ فِي الْخَبَرِ فِي الشَّهَادَةِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَهُوَ قَوْلٌ لَا خَبَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّفْسِ وَلَا يُقَالُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَصِيرَ الْخَبَرُ جِنْسًا لِلشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ جِنْسًا لِنَفْسِهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْخَبَرُ مُشْتَرَكٌ فَالْجِنْسُ هُوَ الْخَبَرُ الْمُقَابِلُ لِلْإِنْشَاءِ وَهُوَ يَعُمُّ الشَّهَادَةَ وَمَا يُقَابِلُهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْخَبَرِ فَالْخَبَرُ لَهُ مَعْنَيَانِ أَعَمُّ وَأَخَصُّ وَهُوَ جَلِيٌّ قَوْلُهُ " هُوَ بِحَيْثُ " جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ صِفَةٌ لِلْقَوْلِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ وَأَتَى بِالْحَيْثِيَّةِ لِيُدْخِلَ فِيهِ الشَّهَادَةَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَالشَّهَادَةَ غَيْرَ التَّامَّةِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ لَا تُوجِبُ حُصُولَ مَدْلُولِ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ حَسْبَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْرِيفِ الدَّلَالَةِ أَشَارَ إلَى قَوْلِهِمْ لَفْظٌ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ دَلَّ وَلَمْ يَقُولُوا لَفْظٌ دَالٌّ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمَنْطِقِيِّ وَغَيْرِهِ فَقَالَ فِي الدَّلَالَةِ كَوْنُ اللَّفْظِ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ دَلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015