وَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي رَاتِبِ إمَامٍ مَرِضَ اُنْظُرْهُ فِيهِ وَانْظُرْ ابْنَ فَرْحُونٍ فِي حَدِّ الْحُكْمِ وَسَبَبِ الْحُكْمِ وَمَا ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ كُلُّ ذَلِكَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ هُنَا (فَإِنْ قُلْتَ) : قَوْلُهُ " تُوجِبُ نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ " الْحُكْمُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى الضَّمِيرِ فَيَعُمُّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الصِّفَةَ تُوجِبُ إمْضَاءَ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا مَا يَجِبُ نَقْضُهُ لَا إمْضَاؤُهُ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ (قُلْتُ) ذَلِكَ لِمَانِعٍ مَنَعَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ أَوْ مَعْنَاهُ. لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ فِي حَدِّهِ الطَّهَارَةُ أَوْ يُقَالُ حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ يَمْنَعُ مِنْ إيرَادِ مَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّوَابُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا حَكَمَ الْقَاضِي فَالصِّفَةُ أَوْجَبَتْ لَهُ نُفُوذَ الْحُكْمِ وَلَا يَصِحُّ لَهُ رُجُوعٌ وَقَالُوا يَصِحُّ لَهُ الرُّجُوعُ بَلْ يَجِبُ رُجُوعُهُ إلَى الصَّوَابِ وَأَمَّا إلَى الْأَصْوَبِ فَفِيهِ خِلَافٌ (قُلْتُ) ذَلِكَ أَيْضًا لِمَانِعٍ مَنَعَ مِنْ الْإِمْضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالشَّرْعِيُّ أَيْضًا يَمْنَعُ هَذَا كُلَّهُ قَوْلُهُ " وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ أَوْ تَجْرِيحٍ " عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَصْلُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ وَلَوْ كَانَ بِتَعْدِيلٍ أَوْ تَجْرِيحٍ لِيَصِيرَ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ اُنْظُرْ ابْنَ فَرْحُونٍ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَدَّرْت بِكُلِّ شَيْءٍ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِصُوَرٍ كَثِيرَةٍ أَخْرَجُوهَا عَنْ الْحُكْمِ كَالثُّبُوتِ وَالتَّأْجِيلَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَطَالَ فِيهِ ابْنُ فَرْحُونٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عُمُومُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ تَتَقَرَّرُ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ (قُلْتُ) هَذَا التَّقْرِيرُ صَحِيحٌ بِكُلِّ شَيْءٍ حَكَمَ بِهِ وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمَسَائِلِ لَيْسَ بِحُكْمٍ قَوْلُهُ " لَا فِي عُمُومٍ إلَخْ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِمَامَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَلَا تَفْرِيقُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَرْتِيبُ الْجُيُوشِ وَلَا قَتْلُ الْبُغَاةِ وَلَا الْإِقْطَاعَاتُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَزَادَ الْقَرَافِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَلَا إقَامَةُ الْحُدُودِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ لِأَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْحُدُودِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ إلَّا الْحَاكِمُ قَالَ شَارِحُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ لِلْخُلَفَاءِ وَالْقُضَاةِ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَته ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَخْرُجُ التَّحْكِيمُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوجِبَ فِي الصِّفَةِ عَامٌّ فِي كُلِّ حُكْمٍ حَتَّى التَّعْدِيلِ وَضِدِّهِ وَالتَّحْكِيمُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَلَمْ يُشَارِكْ مَعْنَى الْقَضَاءِ إلَّا فِي بَعْضِ صِفَتِهِ لَا خَاصِّيَّتِهِ وَكَذَلِكَ وِلَايَةُ الشُّرْطَةِ وَأَخَوَاتِهَا مِنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْإِمَامَ لِأَنَّ نَظَرَهُ أَوْسَعُ مِنْ نَظَرِ الْقَاضِي عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ الْفَرْقِ (فَإِنْ قُلْتَ) عَلَى أَيِّ شَيْءٍ عَطَفَ مَا بَعْدَ لَا (قُلْتُ) عَطَفَ عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِحُكْمٍ أَيْ فِي شَيْءٍ لَا فِي عُمُومِ