أما من حيث العلم فإن أصول الوسطية العلمية هي: الكتاب والسنة والإجماع؛ ولذلك لا يجوز أن يقال عن قول أنه قول وسط فصل إلا إذا انضبط أنه مبني على الكتاب والسنة والإجماع، وأما ما نزل عن رتبة الإجماع من اختلاف الأئمة واختلاف الصحابة فهذا الأصل فيه أنه على السعة، وإن كان الناس من الخاصة والعامة -كما يقول الشافعي - يربون على اتباع ما هو أقرب إلى الدليل، ثم هذا يتفاضلون فيه ويختلف نظرهم فيه.
إذاً: اعتبار الوسطية العلمية بهذه الأصول الثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع.
والإجماع الذي يذكر هنا هو الإجماع المنضبط الذي كان عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والقرون الثلاثة الفاضلة.
أما بعد ذلك فإن الغالب على ضبط الإجماع أنه يتعذر أو يتعثر، فإن الإجماع الممكن من حيث الانضباط هو إجماع القرون الثلاثة الفاضلة، أما بعد ذلك فإن الأمة انتشرت، والفقهاء كثروا، وتأخرت وسائل الاتصال في أكثر قرون الأمة، فصار ضبط الإجماع متعذراً في كثير من الأحوال.
إذاً: الإجماع المنضبط هو إجماع القرون الثلاثة الفاضلة، فإذا انضبط إجماعاً فإنه يكون قولاً لازماً تحرم مخالفته بمقتضى الأدلة الشرعية.