قال المصنف رحمه الله: [أما بعد: فإن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأنزل عليه الكتاب بالحق مصدقًا لما بين يديه من الكتاب، ومهيمنًا عليه، وأكمل له ولأمته الدين، وأتم عليهم النعمة، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، فهم يوفون سبعين أمة هم خيرها وأكرمها على الله.
وجعلهم أمة وسطًا، أي: عدلًا خيارًا، ولذلك جعلهم شهداء على الناس، هداهم لما بعث به رسله جميعهم من الدين الذي شرعه لجميع خلقه، ثم خصهم -بعد ذلك- بما ميزهم به وفضلهم من الشرعة والمنهاج الذي جعله لهم].
ابتدأ المؤلف رحمه الله في مكاتبته بأصل عام، ثم دخل بعده إلى الكلام في طريقة عدي بن مسافر والتحول الذي طرأ فيها.
هذا الأصل العام الذي قد ضمنه جملته العامة هو تقرير المصنف لكون هذه الأمة هي الأمة الوسط، وأن أهل السنة والجماعة هم الوسط في فرق هذه الأمة، كما أن هذه الأمة هي الوسط في الأمم.
تقريره لمسألة الوسطية في هذه الصفحات الأولى، وبين رحمه الله المقصود عنده بهذا المنهج، فهو من حيث ابتدأ بالمكاتبة قرر مسألة الوسطية، وهذا المقصود من كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله يمكن أن نقول: إن تحته ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: اعتبار الوسطية من حيث العلم.
المسألة الثانية: اعتبار الوسطية من حيث العمل.
المسألة الثالثة: اعتبار الفقه لهذه الوسطية.