يعني لو جاء شخص عليه أمارات أنه ليس من أهل العلم، ويسأل عن مسألة لا تهمه، ولا يحتاج إليها، مثل هذا لو لم يجب، وصُرف عما هو أهم بالنسبة له بأسلوب يسميه أهل البلاغة أسلوب الحكيم؛ لأن الإنسان قد يسأل عن شيء فيرى المسئول أن هذا السائل حاجته أمس إلى غيره، فيرشده إلى هذا الغير الذي هو أحوج إليه وأمس، هذا لا شك أنه ليس بكاتم.
وصائن العلم عمن ليس يحمله ... ماذا بكتمان بل صون فلا تلمِ
جاء في سنن ابن ماجه بسند ضعيف مرفوعاً: ((واضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب)) ولذا لا يحسن أن يؤتى بكتاب ويقرأ على أناس لا يستفيدون منه، فالناس منازل، ولهم عقول، فلا بد أن يفادوا بما يفيدهم، وما يناسب عقولهم، وأما الذي يكون لبعضهم فتنة، وبعضهم لا يفهم، وبعضهم يقع في العلم وأهله بسبب ذلك هذا لا يحسن أن يلقى على غير أهله.
وإنما الكتم منع العلم طالبه ... من مستحقٍ له فافهم ولا تهمِ
"الكتم منع العلم طالبه" يعني إذا جاء الطالب للشيخ واستفتى وسأل لا يكتم، وإذا أراد أن يقرأ لا يُمنع، لكن بحدود طاقة الشيخ؛ لأن طلاب العلم فيهم كثرة، والفنون كثيرة، والكتب كثيرة، ولو جاء كل واحد ولزمت إجابته لشق ذلك، بل لاستحال تلبية رغبات جميع طلاب العلم، يعني افترض أنك في منتصف كتاب، ويأتي طالب علم يقول: والله ودنا نبدأ من أول الكتاب، هل منعك لهذا الطالب أو عدم استجابتك لرغبته هذا كتم للعلم؟ لا، هذا ليس بكتم للعلم، الشيخ باذل ولا قصر، وإذا أراد أن يستجيب لكل طالب ما وفى بحاجة ولا واحد منهم؛ لأن كل واحد حاجته تختلف عن حاجة غيره.
وإنما الكتم منع العلم طالبه ... من مستحقٍ له فافهم ولا تهمِ
وأتبع العلم بالأعمال وادع إلى ... سبيل ربك بالتبيان والحكمِ
تعلم واعمل وعلم وادع وأمر وانه، إذا تعلمت العلم اعمل بهذا العلم، إذا تعلمت وعملت علم هذا العلم، وادع إلى ربك بالتبيان والحكم، مر بالمعروف، وانه عن المنكر، كل هذه من وظائف العالم والمتعلم على حد سواء.
وأتبع العلم بالأعمال وادع إلى ... سبيل ربك بالتبيان والحكمِ
واصبر على لاحق من فتنة وأذى ... فيه وفي الرسل ذكرى فاقتده بهمِ