كذا الرجاء ما على هذا يحث لتصـ ... ديق بموعود ربي بالجزا العظمِ
يعني الرجاء المفرد الذي يعول على سعة رحمة الله وكرمه دون عمل هذا لا ينفع.
والخوف إن زاد أفضى للقنوط كما ... يفضي الرجاء لأمن المكر والنقمِ
الخوف إذا زاد لا شك أنه يفضي بصاحبه إلى القنوط واليأس من روح الله، كما أن الرجاء إذا زاد أفضى إلى الأمن من مكر الله، وكلاهما من عظائم الأمور، بل يجب أن يكونا بالنسبة للمسلم كجناحي الطائر، لا يزيد أحدهما على الآخر، وإن كان بعض أهل العلم يستروح ويميل إلى أنه في وقت الصحة يغلب جانب الخوف، وفي وقت المرض يغلب جانب الرجاء.
"فلا تفرط ولا تفرط" يعني لا تضيع، ولا تفرط لا تزيد، كن متوسطاً "وكن وسطاً" لأن:
. . . . . . . . . ... كلا طرفي قصد الأمور ذميمِ
والشيطان يدرس نفسية الإنسان، ويعرف ما يناسبه، هو يريد إضلاله على كل حال، فالإنسان ما دام في دائرة الإسلام فهو على خير، الشيطان إن استطاع أن يجره إلى الكفر والمعاصي وترك الديانة هذه وظيفة ليكون مثله ومعه في السعير، إن لم يستطع ووجد عنده تمسك بعبادات ولا يتنازل عنها، دفعه إلى الأمام إلى الزيادة، قال: أنت مفرط، ولا شفت شيء، أنت ما سمعت عن الفضيل ولا سفيان ولا .. ، ثم بعد ذلك يزيد ويزيد حتى يقع، يخرج من الدين وهو لا يشعر، كما حصل من الخوارج، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
فلا تفرط ولا تفرط وكن وسطاً ... ومثل ما أمر الرحمن فاستقمِ
يعني استقم على مثل ما أمرك الله به -جل وعلا-.
"سدد وقارب" لن تصل إلى الغاية، تتشوف نفسك إلى الغاية، ولن تصل إلى الكلام؛ لأنك مجبول على النقص، لكن مع ذلك سدد وقارب، احرص أن يكون عملك سداداً، على وفق ما جاء عن نبي الله -جل وعلا-، "وقارب" قارب الكمال وإن لم تستطعه.
سدد وقارب وأبشر واستعن بغدوٍ ... والرواح وأدلج قاصداً ودمِ
((سددوا وقاربوا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة)) يعني أول النهار وآخره، وأول الليل الذي هو الإدلاج والادلاج سير آخره، المقصود أنك تستغل آناء الليل وأطراف النهار.