"اعمل على وجلٍ" اعمل الأعمال الصالحة، واترك المحرمات على وجل وعلى خوف أن يرد العمل {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون] تقول عائشة: هم الذين يزنون ويسرقون؟ قال: ((لا يا ابنة الصديق، هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون أن ترد عليهم أعمالهم)) فينبغي أن يكون الإنسان على غاية الوجل من رد العمل؛ لأن العمل قد يوجد وقد يوفق الإنسان للعمل، لكن قد يتخلف شرطه، أو يعتريه ما يعتريه من مانع من موانع القبول، ولذا يخاف كثير من السلف من قول الله -جل وعلا-: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [(47) سورة الزمر] يعني الإنسان يعلم الناس دهور، والناس تشير له بالبنان، ما شاء الله ما أجلده، ما أعلمه، ما أحذقه، ما أحلمه، وهو في النهاية من الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، أو يتعلم ليقال كما تقدم في كلام الناظم -رحمه الله-، فعلى الإنسان أن يكون على خوف تام، وحذر ومراجعة دائبة دائمة للنية، وتحسس للقلب باستمرار.
فاعمل على وجلٍ وادأب إلى أجلٍ ... . . . . . . . . .
أنت تمشي إلى أجلك، وأيامك مراحل، كل يوم تقطع مرحلة، وأنت تدأب تمشي دائباً إلى أجلك، وكل يوم يمضي من عمرك ينقص عمرك بقدره.
. . . . . . . . . وادأب إلى أجلٍ ... واعزل عن الله سوء الظن والتهمِ
ولا بد من تحسين الظن بالله -جل وعلا- ((لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)) لكن ليس في هذا معارضة لما تقدم، الإنسان يحسن الظن بربه، لكنه يسيء الظن بنفسه وعمله، فهذا الذي يجعله يعيش بين الرجاء والخوف، يخاف أن يخونه ما وقر في قلبه، أو انطوى عليه قلبه من دخل يخونه في أحوج الأوقات، يخاف من مثل هذا، ويعرف ويجزم بأنه سوف يقدم على رب كريم رؤوف رحيم، سبقت رحمته غضبه، فيجعله يرجو من الله، ويؤمل مع السعي الجاد في تحسين العمل.
للشرع فانقد وسلم للقضاءِ ولا ... تخاصمنّ به كالملحد الخصمِ
للشرع انقد، انقد اجعل قيادك وزمامك وخطامك بيد الشرع، إذا قال لك: افعل افعل، لا تفعل لا تفعل.
"للشرع انقد وسلم للقضاء" خلاص نزلت بك مصيبة عليك أن ترضى وتسلم.