فأمّا وقوعُها فاعلة، ففي غير الاستفهام والجزاء، وذلك إذا كانت موصولةٌ، أو نكرةٌ؛ لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، والفاعلُ لا يكون إلَّا بعد فعل، وأمّا المفعول فيكون في جميعِ ضروبها؛ لأنّ المفعول يجوز تقديمُه على فعله، نحو قولك: "مَنْ ضربتَ؟ " فـ "مَنْ" في موضع نصب.

وأقسامُها كأقسامِ "ما" في جميع مواضعها، إلَّا في وقوعها نكرة غيرَ موصوفة على ما ذكرناه في "ما"، نحو: {فَنِعِمَّا هِيَ} (?)، وفي التعجّب نحو: "ما أحسنَ زيدًا! " عند سيبويه وأصحابِه، فإنّ "مَنْ" لا تُستعمل في ذلك.

ولها ثلاثة مواضع: الأول: أن تكون موصولة بمعنى "الذِي" تحتاج إلى جملة بعدها تتِم بها اسمًا، وقد تقدّم شرحه.

الثاني: أن تكون استفهامًا، نحو قولك: "مَنْ قام؟ " و"مَنْ عندك؟ " فـ "مَنْ" في موضع رفع بالابتداء، وما بعدها الخبرُ. والذي يدل على ذلك أنّك لو أوقعتَ موقَعها اسمًا معربًا مما يظهر فيه الإعراب، لظهر فيه الرفعُ، نحو قولك: "أيُ إنسان عندك؟ " و"أيُّ رجلٍ قام؟ " قال الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (?). وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (?). وقال الشاعر [من الخفيف]:

503 - مَن رأيتَ المَنُونُ خَلدْنَ أَمْ مَنْ ... ذا عليه مِن أَنْ يُضامَ خَفِيرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015