وإذا دخل على "ما" الاستفهاميّةِ حرفُ جر، بَعُدَ من الاستفهام حيث عمِل فيه ما قبله، وقرُب من الخبريّة، فحذفوا ألفَه للفرق بين الخبر والاستخبار، فقالوا: "فِيمَ"، و"عَمَّ"، والأصلُ: "فيِمَا"، و"عَمَّا". قال الله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} (?). وقال: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (?). وإنما خصوا ألف الاستفهامية بالحذف دون الخبرية؛ لأن الخبرية تلزمها الصلةُ، والصلةُ من تمام الموصول، فكأن ألفها وقعتْ حَشْوا غيرَ متطرفةٍ، فتَحصنتْ عن الحذف. وربّما أثبتوها في الشعر وهو قليلٌ، قال الشاعر [من الوافر]:

502 - على ما قام يَشْتِمُني لَئيمٌ ..... كخِنْزِير تَمَرّغَ في رَمادِ

فصل [أوجه "من"]

قال صاحب الكتاب: و"من", كـ "ما" في أوجهها إلا في وقوعها غير موصولة, ولا موصوفة, وهي تختص بأولي العلم.

* * *

قال الشارح: اعلم أن "مَنْ" اسمٌ مبهمٌ يقع على ذواتِ ما يعقل. والدليلُ على أنَّه اسمٌ أنه يقع فاعلًا ومفعولًا، ويدخل عليه حروفُ الجرّ، ويعود عليه الضميرُ، وهذه الأشياءُ من خصائص الأسماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015