فـ "مَنْ" هنا استفهامٌ في موضع رفع، إذا رُفع "المنون"، وأُلْغي الفعل الذي هو "رأيت". فإن أعملتَ الفعل، نصبتَ "المنون"، وكانت "مَنْ" في موضع نصب بـ "خلدن". وهي مبنية لتضمنها همزة الاستفهام، وذلك أنك إذا قلت: "من هذا؟ " فكأنك قلت: "أزيدٌ هذا أعمرٌو هذا؟ " والأسماء لا تُحصَى كثرةَ، فأتوا باسم يتضمن جميع ذلك، وهو"مَنْ"، فاستُغني به عن تَعْداد الأسماء كلها على ما تقدّم في "ما".

الموضع الثالث:

أن تقع للمُجازاة وتختصّ أيضًا بذواتِ من يعقل، وهي مبنيّة أيضًا لتضمنها حرفَ الجزاء، وهو"إنْ"، وذلك نحو قولك: "من يأتِني آتهِ"، و"من يُكْرِمْني أشْكُرْه"، كأنك قلت: إن يكرمني زيد أو عمرو ونحوهما ممّن يعقل أشكره. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (?).

الرابع: أن تكون نكرة موصوفة، نحو قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (?) في أحد الوجهَيْن، أي: كلُّ شيء عليها هَالِك إلَّا وَجْهَه. ومثله قول الشاعر [من السريع]:

504 - يا رُب مَن يُبْغِضُ أَذْوادَنَا ... رُحْنَ على بَغْضائه واغتَدَيْنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015