إتباعًا لكسرة النون من "ابن عمرو". وقد ذهب بعضُهم إلى أنّ التنوين إنّما سقط لالتقاء الساكنَيْن: سُكونِه، وسكونِ الباء بعده. وهو قولٌ فاسدٌ، لأنه قد جاء عنهم: "هذه هندُ بِنْتُ عمرو"، فيُحْذف التنوين، وإن لم يَلْقَه ساكن بعده، فعُلم بذلك أنّ حَذْفَ التنوين إنّما كان لكثرةِ استعمالِ "ابن".

فإن لم تُضِف "ابنًا" إلى عَلَم، نحوَ: "هذا زيدٌ ابنُ أخينا، وهذه هندٌ ابنةُ عَمنا"، لم تحذف التنوين، وأثبتَّ الهمزةَ خطًّا, لأنه لم يكثُر استعمالُه كثرةَ إضافته إلى العلم. وكذلك إذا لم يصفوا به وجعلوه خبرًا، لم يُحْذَف التنوين، وأُثبتت همزةُ الوصل خطًّا، فتقول: "زيد ابنُ عمرو"، فيكون "زيدٌ" مبتدأ، و"ابنُ عمرو" الخبرَ، ومثله "إنّ بكرًا بنُ جعفر"، و"ظننتُ محمّدًا بنَ عليّ"، وكذلك إن ثنّيتَ، فقلتَ: "ضربتُ الزيدَيْن ابنَيْ جعفر". أثبتَّ الألفَ والنونَ لوجهَيْن:

أحدُهما: أنّه لم يكثر ذلك في التثنية كثرتَه في الإفراد.

والثاني: أنّه لم يَبْقَ بالتثنية عَلَمًا، وصار تعريفُه بالألف واللام، نحوُ: الرجل، والغلام، فأمّا قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} (?)، فقد قُرىء بالتنوين وبغير التنوين (?) فمن نَوَّنَ جعله مبتدأ و"ابنُ الله" الخبرَ حكايةً عن مَقالِ اليهود، ومَن حذف التنوينَ منه جعله وصفًا، وقدر مبتدأً محذوفًا، تقديرُه: هو عزيرُ بنُ الله، فيكون "هُوَ" مبتدأَ، و"عزيز" الخبرَ، و"ابنُ الله" صفتَه. وهذا فيه ضعفٌ, لأن "عزيزًا" لم يتقدّم له ذكرٌ فيُكْنَى عنه. والأشبهُ أنّ يكون أيضًا خبرًا إلّا أنّه حُذف منه التنوين لالتقاء الساكنَيْن من قبيل الضرورة، وله نظائرُ، نحوُ قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} (?) بحَذْفِ التنوين من "أحد"، ومنه ما رَواه أبو العبْاس عن عُمارةَ بن عَقِيل أنّه قرأ: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} (?) بنصب "النهارَ" على إرادةِ التنوين، ومنه قول الشاعر [من المتقارب]:

196 - فألْفَيْتَه غيرَ مستعتبٍ ... ولا ذاكِرِ اللهَ إلَّا قَليِلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015