[" ابن" و "ابنة" في غير النداء]

قال صاحب الكتاب: وقالوا في غير النداء أيضًا إذا وصفوا: "هذا زيدٌ بن أخينا, وهندٌ ابنة عمنا"، وهذا زيد ابن عمرو، وهند ابنة عاصم، وكذلك النصب والجر, فإذا لم يصفوا فالتنوين لا غير وقد جوزوا في الوصف التنوين في ضرورة الشعر كقوله [من الرجز]:

195 - جاريةٌ من قيسٍ بن ثعلبة"

* * *

قال الشارح: قد جروا على هذه القاعدة في غير النداء أيضًا، لا فَرْقَ بين النداء وغيرِ النداء في هذا الحكم. وذلك أنّه لما كثُر إجراءُ "ابن" صفة على ما قبله من الأعلام، إذا كان مضافًا إلى عَلَم أو ما يجري مجرَى الأعلام من الكُنَى والألقاب، نحوِ: "زيدِ بنِ عمرو"، و"أبي بكرِ بنِ قاسم"، و "سعيدِ بنِ بَطَّةَ"، و"عبدِ الله بنِ الدُّمَينة". فلمّا كان "ابنٌ" لا ينفكّ من أنّ يكون مضافًا إلى "أبٍ" أو "أُمٍّ" وكثُر استعمالُه، استجازوا فيه من التخفيف ما لم يستجيزوه مع غيره، فحذفوا ألفَ الوصل من "ابن", لأنه لا يقوى فصلُه ممّا قبلَه، إذ كانت الصفةُ والموصوفُ عندهم كالشيء الواحد، وهي مضارِعةٌ للصلة والموصول من وُجوهٍ تُذكَر في موضعها. وحذفوا تنوينَ الموصوف أيضًا، كأنّهم جعلوا الاسمَيْن اسمًا واحدًا لكثرةِ الاستعمال، وأتبعوا حركةَ الاسم الأوّل حركةَ الاسم الثاني. ولذلك شبّهه سيبويه بِـ "امْرِىءٍ" و"ابْنِمٍ" في كونِ حركة الراء تابعةً لحركة الهمزة وحركةِ النون في "ابنم" متابعة لحركة الميم على ما تقدم.

فإذا قلت: "هذا زيدُ بنُ عمرو، وهندُ ابنةُ عاصم" فـ "هذَا" مبتدأٌ و"زيدٌ" الخبرُ، وما بعده نعتُه، وضمّةُ "زيد" ضمّةُ إتباع، لا ضمّةُ إعراب؛ لأنَّك عقدتَ الصفةَ والموصوفَ وجعلتَهما اسمًا واحدًا، وصارت المعاملة مع الصفة، والموصوفُ كالصدر له. ولذلك لا يجوز السكوتُ على الأوّل. وكذلك النصبُ، تقول: "رأيتُ زيدَ بنَ عمرو"، فتفتح الدال إتباعًا لفتحة النون. وتقول في الجرِّ: "مررتُ بزيدِ بنِ عمرو"، فتكسر الدالَ من "زيد"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015