وأمّا قولهم: "مَجِيءَ مَ جئتَ؟ " و"مِثْلُ مَ أنت؟ " فإنّهم قد حذفوا الألف من "ما" مع هذه الأسماء، كما حذفوها مع حروف الجرّ, لأنّها خافضةٌ لِما بعدها كالحروف، فأُجريت في الحذف مجراها. فإذا وقفت على "ما" منها، فبالهاء لا غير، وليس الأمرُ فيها كـ "حَتّامْ"، و"إِلَامْ"؛ لأنّ "حَتَّى" حرفٌ، وكذلك "إلى"، والحرفُ لا يستقلّ بنفسه، ولا ينفصل ممّا بعده، فتنزّلا منزلةَ الكلمة الواحدة، فجاز إسكانُها، وأمّا "مَجِيءٌ" و"مِثلٌ"، فإنّهما اسمان منفصلان ممّا بعدهما، وصار ما بعد حذف الألف على حرف واحد، فكرهوا ذلك، فألحقوه الهاء، وقالوا: "مجيءَ مَهْ؟ " و"مِثْلُ مَهْ؟ " ليقع السكتُ عليه، ولا يخرج الاسم عن أبنية الأسماء، فاعرفه.

فصل [الوقف علي النون الخفيفة]

قال صاحب الكتاب: والنون الخفيفة تبدل ألفاً عند الوقف, تقول في قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} (?): لنسفعا. قال الأعشي [من الطويل]:

[وإياك والميتات لا تقربنها] ... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا (?)

وتقول في "هل تضربن يا قوم": "هل تضربون", بإعادة واو الجمع.

قال الشارح: وأمّا نونُ التأكيد الخفيفةُ نحو قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} (?)، و"اضْرِبَنْ" في الأمر، فإنّها تبدل في الوقف ألفًا كالتنوين لمضارعتها إيّاه، لأنّهما جميعًا من حروف المعاني، ومحلُّهما آخِرُ الكلمة، وهي خفيفةٌ ضعيفةٌ. فإذا كان قبلها فتحة، أبدل منها في الوقف ألف كما أبدل من التنوين، ووقفت عليها، فقلت: {لنسفعا} و"اضْرِبَا". وأنشد للأعشى [من الطويل]:

ولا تعبد الشيطان ... إلخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015