في "هذِهِ" للتأنيث كالهاء في "طَلْحَهْ"، و"حَمْزَهْ"؛ لأنّ الهاء في "طلحهْ"، و"حمزهْ" زائدة وتَجِدها في الوصل تاء. والهاء في "هذِهِ" هاءٌ في الوصل والوقف، وهي عينُ الفعل، وإنّما كُسرت، ووُصلت بالياء لأنّها في اسم غير متمكّن مبهم، فشُبّهت بهاء الإضمار الذي قبله كسرةٌ، نحو قولك. "مررت بِهِ"، و"نظرت إلى غلامِهِ". قال سيبويه: ولا أعلمُ أحدًا يضمّها؛ لأنّهم شبّهوها بهاء الضمير، وليست الضميرَ، فحملوها على أكثر الكلام، وأكثرُ الكلام كسرُ الهاء إذا كان قبلها كسرةٌ، ووصلوا بالياء كما وصلوا في قولك: "بِه"، و"بغلامه".
ومن العرب من يُسْكِنها في الوصل، ويجري على أصل القياس، يقول: "هذِهْ هندٌ"، و"نظرتُ إلى هذِهْ يا فتى". هذا كلُّه كلامٌ على الوصل، فأمّا الوقف فبإسكان الهاء لا غير، وحذف الياء في كلتا اللغتين. أمّا من أسكنها في الوصل؛ فالأمرُ فيه ظاهرٌ تتساوى حال الوصل والوقف؛ لأنّ الياء لم تكن موجودة في الوصل، فلا تثبت في الوقف. وأمّا من وصلها، فإنّه يحذفها في الوقف، كما يحذفها من "بِهِي" و"عليهِي". وإذا ساغ الحذف في "بهي" ونحوه مع أنّه مختلفٌ في زيادتها، كان الحذف هنا أولى، لتيقُّن الزيادة.
فأمّا "حَتّامْ"، و"فِيمْ"، و"عَلامْ"، فالهاء في هذه الحروف أجودُ، نحو قولك في الوقف: "حَتّامَهْ"، و"فِيمَهْ" و"عَلامَهْ"؛ لأنّك حذفت الألف في "ما"، وبقيت الفتحةُ دليلاً على المحذوف، فشحّوا على الفتحة أنّ يحذفها الوقفُ، فيزول الدليلُ والمدلولُ عليه، فألحقوها هاء السكت، فيقع الوقفُ عليها، وتسلم الفتحةُ، فصار ذلك كالعمل في "اغْزُهْ"، و"ارْمِهْ"، وقومٌ من العرب يقفون بالإسكان من غير هاء، ويقولون: "فِيمْ"، و"لِمْ"، و"عَلَامْ"، ويحتجّ بأنّ الوقف عارضٌ، والحركةُ تعود في الوصل. وقد أسكن بعضهم الميم في الوصل. قال الشاعر [من الرمل]:
1235 - يا أَبَا الأَسْوَدِ لِمْ خَلَّيْتَني ... لهُمومٍ طارِقاتٍ وذِكَرْ
وذلك من قبيل إجراء الوصل مجرى الوقف ضرورةً، كـ "القَصَبَّا"، و"عَيْهَلٍّ".