قولهم في القَسَم: "أفَأللهِ"، و"لا هَا أللهِ ذا"، ولم تَرَ همزةَ الوصل تثبت في مثل هذا.
والصوابُ ما قاله سيبويه، والدليلُ على صحّته نفوذُ عمل الجارّ إلى ما بعد حرف التعريف. وهذا يدلّ على شدّة امتزاج حرف التعريف بما عرّفه. وإنّما كان كذلك لقلّته وضُعْفه عن قيامه بنفسه، ولو كان على حرفَيْن، لَمَا جاز تجاوُزُ حرف الجرّ إلى ما بعده.
ودليلٌ آخر يدلّ على شدّة اتّصال حرف التعريف بما دخل عليه، وهو أنّه قد حدث بدخوله معنى فيما عرّفه لم يكن قبل دخوله، وهو معنى التعريف، وصار المعرَّف كأنّه غيرُ ذلك المنكور وشيءٌ سِواه. ولهذا أجازوا الجمعَ بين "رجل" و"الرجل" و"غلام" و"الغلام" قافِيَتَين من غيرِ استكراه ولا اعتقادِ إيطاءٍ (?)، فصار حرفُ التعريف للزومه المعرَّفَ كأنّه مبنى معه كياء التحقير، وألف التكسير.
ويؤيّد ما ذكرناه أنّ حرف التعريف نقيضُ التنوين؛ لأنّ التنوين دليلُ التنكير، كما أنّ اللام دليلُ التعريف. فكما أنّ التنوين حرفٌ واحدٌ، فكذلك المُعرّف حرفٌ واحدٌ.
وأمّا ما احتجّ به الخليل من انفصاله منه بالوقوف عليه في الشعر، فلا حجّةَ فيه، ولا دليلَ؛ لأنّ الهمزة لمّا لزمت اللامَ لسكونها، وكثُر اللفظُ بها، صارت كالجُزْء منها من جهة اللفظ لا المعنى، وجرت مجرى ما هو على حرفَين، نحو "هَلْ"، و"بَلْ"، فجاز فصلُها في بعض المواضع لهذه العلّة. وقد جاء الفصلُ في الشعر بين الكلمة وما هو منها ألبتّة، وجاؤوا بتَمامه في المِصْراع الثاني، نحوَ قول كُثَيِّرٍ [من مجزوء الكامل]:
1189 - يَا نَفسِ أكْلاَ واضطِجا ... عًا نَفسِ لَستِ بخالِدَهْ