قال أبو عثمان: سيبويه والنحويون يقولون: إنما بُني "مثلَ"؛ لأنه أضيف إلى غير معرب، وهو "أنكم". وقال أبو عمر الجَرْميّ: هو حالٌ من النكرة، وهو "حَقٌّ". والمذهبُ الأوّل وهو رأيُ سيبويه. وما ذهب إليه الجرميُّ صحيحٌ، إلَّا أنّه لا ينفكّ من ضعف؛ لأن الحال من النكرة ضعيفٌ. وقال المبرّد: لا اختلافَ في جوازِ ما قال يعني الجرميَّ. وما قال أبو عثمان فضعيفٌ أيضًا لقلّة بناء الحرف مع الاسم. فأمّا "لا رجلَ في الدار" فليس ممّا نحن فيه, لأن "لا" عاملةٌ غير زائدة، و"ما" في {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (?) فيمن ذهب إلى بنائها زائدةٌ، ولا يكون فيه حجّةٌ. ويؤيّد مذهبَ سيبويه في أنّ البناء ليس لتركيب "ما" مع "مِثلَ" أنّك لو حذفتَ "ما"، لبقى البناءُ بحاله، نحوَ: {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ} لإضافته إلى غير متمكّن، ألا ترى إلى قوله [من البسيط]:
لم يَمنَعِ الشرْبَ منها غيرَ أن نَطَقَت ... حَمامةٌ في غُصونٍ ذاتٍ أوْقالِ (?)
وقوله [من الطويل]:
عَلى حِينَ عاتَبتُ المَشِيبَ على الصِّبا ... وقلتُ ألَمَّا أصْحُ والشيْبُ وازعُ (?)
ونحوِ ذلك من الأسماء التي بُنيت لإضافتها إلى غير متمكن في الاسميّة فاعرفه.
قال صاحب الكتاب: وقال تعالى: {لئلا يعلم أهل الكتاب} (?) أي: ليعلم, وقال تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} (?). وقال العجاج [من الرجز]:
1160 - في بئر لا حُورٍ سرى وما شَعَرْ