إلَّا أنْ المجازاة للضرورة مع "ما" أحسنُ. قال أبو علي: وكان القياس يوجب عندي على الشاعر إذا اضطُرّ، فجازى بـ "إذا"، أن يكفّها عن الإضافة بما كَفّ "حَيثُ"، و"إذْ" لّما جوزي بهما، إلَّا أنّ الشاعر إذا ارتكب الضرورةَ، استجاز كثيرًا ممّا لا يجوز في الكلام.

وإنّما جازت المجازاةُ بها في الشعر، لأنّها قد شاركتْ "إنْ" في الاستبهام إذ كان وقتها غيرَ معلوم، فأشبهت بجَهالة وقتها ما لا يُدْرَى أيكون أم لا فاعرفه.

وأمّا قوله تعالى: {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (?)، فقد قرأ حمزة والكسائي (?): "مثلُ" بالرفع على الصفة لـ "حَقّ"، ونصب الباقون. ويحتمل النصب غيرَ وجه. أحدُها أن يكون مبنيًّا لإضافته إلى غير متمكّن، وهو {أَنَّكُمْ}، و"ما" زائدةٌ للتوكيد. ولو كانت "ما" لغير لغو، لَما جاز الرفعُ, لأن ما كان مبنيًّا مع غيره على الفتح لا يرتفع، نحوَ: "لا رجلَ في الدار". وقال أبو عثمان المازني: بني "ما" مع "مِثلَ"، فجعلهما بمنزلةِ "خمسةَ عشرَ". قال: وإن كانت "ما" زائدة. وأنشد أبو عثمان [من الرمل]:

1159 - وتَداعى مَنخِراه بِدَمٍ ... مِثْلَ مَا أثمَرَ حُمّاضُ الجَبَلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015