جمعها "ثُباتٌ" على قياسِ جمع الأسماء المؤنَّثة. قال الله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} (?)، فـ"ثُباتٌ" كقولك جماعاتٌ في تَفْرِقَةٍ، قال [من الطويل]:
695 - فلمّا جَلاها بالإِيامِ تَحَيَّزَتْ ... ثُباتٍ عليها ذُلُّها واكْتِئابُها
وقد ذهب أبو الحسن إلى أنّه ثُبَةُ الحوْض، وهي وَسَطُه، من "ثابَ الماء إليها"، وأنّ الكلمة محذوفةُ العين. والصوابُ أن يكون المحذوف فيه اللامَ، ويكون من "ثبيْتُ". وذلك أن مجتمع الماء وسطُه. هذا مع كثرةِ ما حُذف لامه من الأسماء، وقلةِ المحذوف العين، ألا ترى أنّه لم يأتِ مما حُذف عينه إلّا في كلمتَيْن، قالوا: "سُهٌ" في "اسْتٍ"، وقالوا: "مُذْ" في "مُنْذُ"؟ وأما "قُلَةٌ" فأصله "قُلْوَة" لقولهم: "قَلَوْتُ بالقُلَة"، وجمعُه "قُلاتٌ"، و"قُلُونَ" لِما ذكرناه، وله نظائرُ من كلامهم، قالوا: "بُرَةٌ"، و"بُرُونَ"، و"سَنَةٌ" و"سِنُونَ"، و"مائَةٌ" و"مِئُونَ". كل ذلك إنما جُمع بالواو والنون عوضا ممّا حُذف لامه، وربّما كسروا أوّله، فقالوا: "ثِبُونَ"، و"قِلُونَ"، و"سِنُونَ". كأنّهم أرادوا أن يدخله ضربٌ من التكسير، ليُعلَم أنّه ليس مصحّحًا من كل وجه، إنّما ذلك لأمر عرض فيه. ويؤكّد عندك أنهم إنّما جمعوه بالواو والنون لضرب من التعويض، أنّهم إذا جمعوه بالتاء، ردّوا ما حُذف منه، وقالوا: "سَنَواتٌ"، وإذا حذفوا، قالوا: "سِنُونَ"، وهذا ظاهرٌ.
وأمّا "أَرْضٌ"، و"أَرَضُونَ"، فإنّه وإن لم يكن منتقصًا منه شيءٌ، فيكونَ جمعُه بالواو